الميليشيات لا تحرر ولا تُنشئ دولاً

الميليشيات لا تحرر ولا تُنشئ دولاً!

الميليشيات لا تحرر ولا تُنشئ دولاً!

 العرب اليوم -

الميليشيات لا تحرر ولا تُنشئ دولاً

بقلم : رضوان السيد

في 7 مايو (أيار) 2008 دخلت كتائب من «حزب الله» تتراوح أعدادها بين السبعة آلاف والعشرة آلاف إلى بيروت غازيةً تدعمها الحركات الأُخرى المسلَّحة التي كانت متحالفةً مع الحزب وسوريا. وكان الهدف إرغام حكومة فؤاد السنيورة على الاستقالة لإصرارها على إحالة جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى المحكمة الدولية التي شكلها مجلس الأمن، أما السبب المعلن فكان عزل الحكومة مدير أمن المطار للشكّ في أنّ الضابط البارز كان يعمل مع الحزب ويهدّد بذلك أمن القادمين والمغادرين. وقد انتهت غزوة «اليوم المجيد» كما سماها الراحل حسن نصر الله رسمياً بعد ثلاثة أسابيع على أثر لقاءٍ ومفاوضات بالدوحة بقطر بين الفرقاء السياسيين الرئيسيين، لكنّ المراكز المسلحة للحزب و«حركة أمل» والأحزاب الأخرى بقيت بالمدينة. والأهمّ من ذلك أنّ الحزب و«التيار الوطني الحر» (الجنرال ميشال عون وصهره وحلفاؤهما) سيطرا على الحكومات بالشراكة أو بالتقاسم في سائر مؤسسات الدولة حتى انتخابات عام 2024 للرئاسة والحكومة. وخلال تلك المدة المتطاولة سيطر الإيرانيون على السياسة الخارجية للبنان، وتردّت علاقاته بالدول العربية وبالعالم الدولي، وانهار الاقتصاد، وأقفلت المصارف أبوابها على أموال المودعين، وشاع أن الدولة أنفقت على الكهرباء ثلاثة وأربعين مليار دولار ولا كهرباء في البلاد!

لماذا نتذكر ذلك كلّه الآن؟ لأنه للمرة الأولى منذ عام 2008 يمر يوم 7 مايو ولا تجد أحداً يتمدح بالذكرى المشؤومة بصفتها انتصاراً للمقاومة على المتآمرين من أنصار الحلول الاستسلامية!

بيروت مدينة جذابة للمشاريع الكبرى، وللجيوش أيضاً. ففي القرن التاسع عشر ضربتها المدفعيات الروسية والنمساوية، وفي عام 1911 ضربها الإيطاليون، وفي عام 1958 نزل فيها المارينز الأميركيون، بعد أن تداول السيطرة عليها فرنسيو فيشي وفرنسيو ديغول خلال الحرب الثانية. وفي الحرب الأولى وقد انسحب العثمانيون تنافس عليها الإنجليز والفرنسيون، ورغم التوافق على الفرنسيين فإنّ الإنجليز ساعدوا الاستقلاليين اللبنانيين على إجلاء جيوش الأم الحنون عن لبنان.

في الستينات والسبعينات من القرن العشرين تصارعت على بيروت الدعوات والمشاريع الكبرى وأكبرها مشروع تحرير فلسطين ليس بجيوش الدول، بل بالحركات المسلحة! وإذا لم يكن ممكناً أن نسمي دولةً بعينها داعمة لكفاح «منظمة التحرير» من لبنان، فإنّ معظم الدول العربية كانت مع المنظمة، والتي استجلبت هجماتها على الكيان من جنوب لبنان غزوين إسرائيليين عامي 1978، و1982. وكما دخلت إسرائيل إلى لبنان على ظهر الكفاح الفلسطيني المسلَّح، كذلك دخلت سوريا الأسد، وهذه المرة بطلب من المسيحيين لضبط «منظمة التحرير» ولإخماد النزاع الداخلي اللبناني!

وما خفت صوت المشاريع الكبرى بإخراج «منظمة التحرير» من لبنان، فقد حلَّ محلَّها «حزب الله» بسلاحه الآيديولوجي والقتالي وإيران هي المسؤولة عن السلاحين كليهما. وعلينا ألّا ننسى أنه في عام 2007 استولت «حماس» على غزة، وفي عام 2008 استولى «حزب الله» على بيروت. وفي حين كان مقاتلو ياسر عرفات يترددون كثيراً في التعرض لخصومهم الداخليين بلبنان؛ فإنّ مسلحي «حماس» و«حزب الله» فيها ما كانوا يترددون أبداً في اغتيال وقتل خصومهم بالداخل بحجة الخيانة أو تصليب الجبهة الداخلية! وكما تحول مشروع التحرير لدى «حماس» إلى استيلاء على غزة من «فتح» وليس من إسرائيل، كذلك تحول مشروع نصر الله من تحرير للأرض اللبنانية (بل والفلسطينية!) إلى احتلالٍ لبيروت وسيطرة على لبنان من دون أن يستطيع تحرير شبرٍ مما يحتله العسكر الإسرائيلي في الجنوب حتى الآن:

و«النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله»!

فلنتأمل المشهد الحالي بعد أكثر من عامٍ ونصف العام على الحرب على غزة ولبنان... واليمن. في البلدان الثلاثة حركات مسلحة حاكمة. وقد خاضت ضدهم إسرائيل حروباً طويلة، فاستسلم الحزب بلبنان، وتوشك الحركة أن تتراجع بغزة. في حين يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيوقف هجماته على اليمن لأن الحوثيين استسلموا أو قالوا إنهم لن يعودوا لضرب السفن (بوساطةٍ عُمانية)!

لقد خسر مشروع الممانعة خسائر فادحة في الآيديولوجيا والدعوى والامتداد. لكنّ العرب الذين انتشرت هذه التنظيمات في ديارهم كانت خسائرهم أكبر بما لا يُقاس. فالميليشيات لا تستطيع أن تُنشئ دولاً، وإنما الهم الاستيلاء على الداخل ونشر الخراب، رغم دعاوى التحرير الكبرى!

هل تخمد هذه الميليشيات بسبب الضعف الشديد؟ المشكلة أن الدولة الشرعية في تلك البلدان ضعيفة، والحركات والميليشيات، تظل حريصةً على المطاولة في المفاوضات مع أميركا لحين تبيان مصائر النووي!

arabstoday

GMT 17:22 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

GMT 17:21 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حكاياتي مع السيجارة

GMT 15:26 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ترامب في الجامع.. رسالة التسامح والسلام

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (50)

GMT 15:20 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

إنقاذ سوريا

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الميليشيات لا تحرر ولا تُنشئ دولاً الميليشيات لا تحرر ولا تُنشئ دولاً



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab