على سطح الصفيح الساخن

على سطح الصفيح الساخن

على سطح الصفيح الساخن

 العرب اليوم -

على سطح الصفيح الساخن

بقلم : رضوان السيد

طيلة 40 عاماً، ما تقلَّبَ سياسيٌ لبناني على سطح الصفيح الساخن كما تقلّب نبيه بري رئيس مجلس النواب... ما بين حافظ الأسد وبشار الأسد، وبين حسن نصر الله وإيران، وبين أصدقائه وأعدائه على الساحة السياسية اللبنانية. وقد كانت لديه دائماً القدرة على الصعود بعد الهبوط، وعلى الثبات بعد التقلقل. وفي مقابل ذلك كلّه، يضع الرجل في حسابه أن السياسيين اللبنانيين والعرب والدوليين يعرفونه جيداً، ويعرفه جيداً جداً أيضاً رفاقه من «الثنائي الشيعي» من «حزب الله» والأطياف الأُخرى. ولذلك ما استغرب أحدٌ مراوحاته واستقتاله وحيرته في خطابه المتلفز في ذكرى غياب السيد موسى الصدر ورفيقيه.

مهّد بري طويلاً لما أراد الوصول إليه... أشاد بشجاعة الطائفة وعزتها وشموخها وما قدمته من شهداء. وحمل على أولئك الذين لا يعرفون غير الكراهية والتشنج، وأكّد أنّ كلَّ ما نزل من مصائب لن يُثني الطائفة عن التمسك بالأرض وبإجلاء الصهاينة عن آخر شبرٍ من لبنان، وإعادة الجنوبيين إلى قراهم، وإعادة مزارعهم إليهم مهما كلّف ذلك من أثمان. وخلال الحملة على الصهاينة وأميركا التي أخلفت وعودها، ما نسي تضحيات بني قومه وإصرارهم على الثبات والكرامة، وبالطبع ودائماً الإشادة بالجيش اللبناني والوقوف معه؛ لأنه جيش السلامة والوحدة، وليس جيش الفرقة والتصادم!

بعد هذه الطمأنة التي ينبغي أن يثق بدلالاتها الجميع، قدّم الرئيس بري ما عَدّه تنازلاً، وعنى بذلك «حصرية السلاح بيد الدولة» وفق «خطاب القسم» وبيان حكومة نواف سلام. لكنه لا يريد أن تُحدَّد لذلك مواعيد، بل لا بد من اللجوء إلى الحوار للتشاور بشأن متطلبات «الأمن الوطني»، وهي تسميةٌ جديدةٌ بدلاً من «الاستراتيجية الدفاعية» الخالدة الذكر! لماذا لا يريد الرجل مواعيد للتخلي عن السلاح؟ لأنّ في ذلك إذلالاً، ولأنّ العدوَّ بالمرصاد، وهو لم يَفِ بالتزاماته في اتفاقية وقف النار. هو يقول لنا «ما باليد حيلة»، فـ«الحزب» - خصوصاً بعد زيارة لاريجاني - لن يتخلى عن سلاحه لا بمواعيد ولا من دون مواعيد. وهو يعرف أنّ أصدقاءه قبل خصومه أشدّ ما يكونون خشيةً من الحوار وعداً ووفاءً. فلأكثر من 6 مرات منذ عام 2006 جلس الفرقاء السياسيون حول طاولة رؤساء الجمهورية وطاولة بري، ثم انفضّوا من دون نتيجةٍ، إلا التسفيه والاتهامات بالخيانة والتآمر مع العدو.

هو يعرف أنه في المرات السابقة للحوار الخالد كان القرار بيد «الحزب» المسلَّح، وكان عليه هو وغيره التسليم أو الحَرَد، وفي الحالتين كان المتذمرون يقال لهم كما يقال الآن: مَن لا يريد سلاحنا للدفاع عن الوطن، فليغادر البلاد، أو يَسكت، أو يُسكَت، إلى الأبد. لكنه يعرف أنّ هذه المرة غير كل المرات، فليس إسرائيل فقط؛ بل أميركا أيضاً لن تقبل، وقد تعود الحرب التي يعاني منها الشيعة دائماً أكثر من غيرهم، أو من دون غيرهم. وقد صار السلاح هنا رمزاً للكرامة وحسْب، لكن سحبَ السلاح إن جاء من جانب اللبنانيين وحكومتهم، وهم مشاركون فيها، خيرٌ وأكرم من أن يحصل بقوة العدوّ وقهره.

لماذا تريد أكثرية اللبنانيين سحب سلاح «الحزب»؟ السبب المعلن هو الخوف من عودة الحرب الإسرائيلية على «الحزب» ولبنان. لكنّ الأكثرية عندها أسباب أخرى عدة قد تكون أكبر أهمية من خوف العدو... فقد استخدم «الحزب» سلاحه ضد اللبنانيين وضد السوريين عشرات المرات، بالاغتيال والقتل، واحتلال المدن، والإرغام على تشكيل الحكومات، وحلّها، وتعطيل انتخاب رؤساء الجمهورية، أو الإرغام على انتخاب هذا أو ذاك... فضلاً عن الفساد الفظيع وحمايته بالسلاح، بل وحتى الآن يهدّد نعيم قاسم بالحرب الأهلية!

كل ذلك يعرفه الرئيس بري، ولذلك فهو يعرف أن أكثرية اللبنانيين الكبرى لن تقبل بالعودة إلى أَوهام الحوار الذي لا نتيجة له. وإذا تَجَابَنَتِ الحكومة وقبلت التأجيل ووعود الحوار، فإنها سوف تسقط بالتأكيد، ثم إنها إذا ترددت أو أجّلت بحجة الحفاظ على الجيش أو على الوحدة؛ فإنّ معنى ذلك صراحةً أو مداورةً أنها تسلّم قرار تصفية «الحزب» لأميركا وإسرائيل. فالكرامة يا أبا عبد الله في تسليم السلاح للجيش اللبناني وليست الاستسلام لتحطيمه من جانب إسرائيل. رغم بلاغة الرئيس بري، وحرارة لهجته هذه المرة بالذات، وشهرته بقوة الحيل والحيلة، فإنه يقف مثل شخصية مسرحية تينيسي ويليامز على سطح من الصفيح الساخن، مخاطباً أكثريةَ اللبنانيين الذين يريدون نزع سلاح «الحزب» - و«الحزب» وأنصاره الذين ألزمهم لاريجاني بالاستمرار في شهر السلاح - أنه «ما باليد حيلة».

الرئيس بري رجل في أواخر الثمانينات من عمره ولن يترك جماعته أياً تكن قراراتها مخطئة وجانية على الصغار قبل الكبار:

أمرتُهم أمري بمنعرج اللوى

فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغدِ...

وهل أنا إلا من غزية إن غوت

غويتُ وإن ترشُد غزيةُ أرشُدِ

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على سطح الصفيح الساخن على سطح الصفيح الساخن



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي

GMT 08:22 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس

GMT 07:26 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق رسمي من نيجيريا على الضربة الأميركية

GMT 09:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يشارك جمهوره كواليس مسلسل «علي كلاي»
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab