بقلم : محمد أمين
ذكرت أمس قصة قصر موسى المعمارى اللبنانى.. واليوم، أحكى لكم القصة الغرامية.
وفى قصر موسى أو قلعة موسى، كما يقال لأنه يشبه القلعة، صعدنا الجبل إلى المنطقة الواقعة بين دير القمر وبيت الدين.. تقريبا، كان المكان الوحيد الذى دفعنا فيه رسوم الزيارة.. وبالمناسبة، كل المزارات مفتوحة مجانا للزيارة، فهناك حوافز لمعرفة ثقافة البلد. دخلنا الكنائس والمتاحف لم ندفع شيئا.. وهكذا حدث الأمر نفسه فى تركيا حين زرناها العام الماضى.. وقفنا على باب المعلم الشهير «أيا صوفيا».. نتلفت يمينا ويسارا ثم سألنا عن مكان دفع الرسوم.. فقال أحدهم، وقد قرأ حيرتنا: «ادخلوا مجانا!».
أعود إلى قلعة موسى التى تشبه قلعة محمد على فى القلعة، فقد سميت باسمه.. بناها موسى عبدالكريم المعمارى بمفرده، حيث عمل طول حياته. وقد احتاج إلى 60 سنة من العمل. وفقا لسيرته الذاتية، كان موسى طالبا عندما حلم ببناء هذا القصر، وقد رسم حلمه على قطعة من الورق فى الصف!.
لم يكن موسى جادا فى دراسته، حتى إن أستاذه اعتاد السخرية منه قائلًا له: «أنت لن تحقق شيئا».. المهم أنه بين عامى 1951 و1962، قال إنه حضَّرَ كل شىء لتحقيق مخططه بما فى ذلك شراء الأراضى والمخططات. وفى عام 1962، بدأ عمله وبنى القلعة بيديه مستخدما الحجارة والطين حيث وضع رسوما متحركة كانت تمثل مشاهد مختلفة من حياة القرية اللبنانية القديمة فى القرن الـ 19، مما جعل من العمل رؤية وإبداعا حقيقيا بكل الوسائل!.
كان أستاذه يتهمه بالفشل وكانت فى الصف طالبة يتودد إليها ويحبها.. كانت ابنة لرجل غنى.. فعايرته بفقره، وقالت له أنت معندكش قصر.. وأنا حين أتزوج سأعيش فى قصر يشبه قصر أبى، فقرر أن يكون حلمه بناء قصر سماه قصر موسى، ودخل تاريخ لبنان بهذا القصر الذى يحكى قصة الحب والطموح والإصرار!.
وأصبحت قصة الحب والعشق والقصر على كل لسان، وأصبح القصر مزارا من مزارات لبنان، فعرف الناس قصة القصر واختفت الفتاة وأبوها وقصر أبيها، لم يذكرهم أحد إلا إشارة فى قصة قصر موسى!.. وخلدته لبنان ضمن مشاهيرها فأصبح له مكان فى متحف الشمع، هو الذى يؤدى بالزوار إلى زيارة قلعة موسى عبدالكريم المعمارى فى دير القمر.. والقصر أقرب إلى عمارة المعمارى حسن فتحى!.
وأخيرا، هذه قصة ينبغى أن تُحكى للأطفال لتحفيزهم على الإبداع والطموح والإصرار.. فقد بنى القصر بأساليب يدوية بمساعدة أسرته وظل يبنى فيه طوال العمر ومات بعد أن انتهى منه وجعلت منه لبنان قصرا قى جدول الزيارات.. يحكى قصة طموح الرجل والأدوات التى استخدمها!.