بقلم : محمد أمين
توفيق الحكيم (9 أكتوبر 1898 – 26 يوليو 1987)، كاتب وأديب مصرى، من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة فى تاريخ الأدب العربى الحديث.. كان للطريقة التى استقبل بها الشارع الأدبى العربى إنتاجاته الفنية، بين اعتباره نجاحًا عظيمًا تارة وإخفاقًا كبيرًا تارة أخرى، الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب توفيق الحكيم وفكره على أجيال متعاقبة من الأدباء!
وكانت مسرحيته المشهورة «أهل الكهف» فى عام 1933 حدثًا مهمًا فى الدراما العربية، فقد كانت تلك المسرحية بدايةً لنشوء تيار مسرحى عُرف بـ«المسرح الذهنى». بالرغم من الإنتاج الغزير لتوفيق الحكيم فإنه لم يكتب إلا عددًا قليلًا من المسرحيات التى يمكن تمثيلها على خشبة المسرح، فمعظم مسرحياته من النوع الذى كُتب ليُقرأ، فيكتشف القارئ من خلاله عالمًا من الدلائل والرموز التى يمكن إسقاطها على الواقع فى سهولة، لتسهم فى تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعى. سُمى تياره المسرحى بالمسرح الذهنى، لصعوبة تجسيده فى عمل مسرحى!
وكان توفيق الحكيم يدرك ذلك جيدًا حيث قال فى أحد اللقاءات الصحفية: «إنى اليوم أقيم مسرحى داخل الذهن، وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك فى المطلق من المعانى مرتدية أثواب الرموز، لهذا اتسعت الهوة بينى وبين خشبة المسرح، ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة». كان الحكيم أول مؤلف استلهم فى أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصرى، وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية، لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد روايته «عودة الروح»!
أرسله والده إلى فرنسا ليبتعد عن المسرح ويتفرغ لدراسة القانون، ولكنه وخلال إقامته فى باريس لمدة 3 سنوات اطلع على فنون المسرح الذى كان شُغله الشاغل، واكتشف الحكيم حقيقة أن الثقافة المسرحية الأوروبية بأكملها أسست على أصول المسرح اليونانى، فقام بدراسة المسرح اليونانى القديم، كما اطلع على الأساطير والملاحم اليونانية العظيمة!.
عندما قرأ توفيق الحكيم أن بعض لاعبى كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: «انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم، لقد أخذ هذا اللاعب فى سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام إخناتون!».
عاصر الحربين العالميتين 1914 - 1939. وعاصر عمالقة الأدب فى تلك الفترة مثل: مصطفى صادق الرافعى وطه حسين والعقاد وأحمد أمين وسلامة موسى. وعمالقة الشعر مثل: أحمد شوقى وحافظ إبراهيم، وعمالقة الموسيقى مثل: سيد درويش وزكريا أحمد والقصبجى، وعمالقة المسرح المصرى مثل: جورج أبيض ويوسف وهبى والريحانى.. وأخيرًا، عاصر فترة انحطاط الثقافة المصرية (حسب رأيه) فى الفترة الممتدة بين الحرب العالمية الثانية وقيام ثورة يوليو 1939 - 1952.. هذه المرحلة التى وصفها فى مقال له بصحيفة «أخبار اليوم» بـ«العصر الشكوكى»، وذلك نسبة إلى محمود شكوكو.. لم يحضر عصر شاكوش وكزبرة وكوتو موتو وإلا كان له موقف آخر!