بقلم - محمد أمين
دخلت محكمة العدل الدولية دائرة الضوء بعد قرار جنوب إفريقيا اللجوء إلى المحكمة العالمية بتهمة الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، لم نكن نسمع عن هذه المحكمة ولا عن العدل في العالم.. مع أن المحكمة موجودة منذ خمسة وسبعين عامًا لم نلجأ إليها في دير ياسين ولا مذابح الحرم الإبراهيمى وجنين وقانا ولا في صابرا وشاتيلا ولا أي من هذه الجرائم، مع أنها جرائم لا تسقط بالتقادم!.
المثير أن هناك ثلاثة قضاة عرب في المحكمة من أصل 15 قاضيًا، بنسبة 20%، أحدهم لبنانى، هو نواف سلام، والثانى مغربى، هو محمد بنونة، والثالث صومالى، هو عبدالقوى أحمد يوسف.. وكلهم قامات كبيرة في تخصصاتهم.. كما أن المحامية التي ترافعت من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل يُقال إنها عربية من أصل يمنى، واسمها عديلة هاشم.. وهى محامية جنوب إفريقية وحقوقية وناشطة في الدفاع عن قضايا المهمشين وحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، عُرفت بتعاطفها مع القضية الفلسطينية ونشاطها في رفض الاستيطان!.
ذاعت شهرتها وملأت العالم حينما ظهرت على شاشات التلفزيون في 11 يناير، ممثلة لجنوب إفريقيا ضمن فريق قانونى في مرافعة أثناء جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية لإدانة إسرائيل بتهم ارتكاب إبادة جماعية في حق الفلسطينيين واستخدام أسلحة محرمة دوليًّا في حربها على غزة!.تُعرف محكمة العدل الدولية على نطاق واسع باسم «المحكمة العالمية»، وهى واحد من «الأجهزة الرئيسية» الـ6 للأمم المتحدة، على قدم المساواة مع الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادى والاجتماعى، ومجلس الوصاية، والأمانة العامة، والوحيد الذي لا يقع في نيويورك!.
وتُعتبر محكمة العدل الدولية هي المحكمة الدولية الوحيدة التي تتولى تسوية النزاعات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهذا يعنى أنها تقدم إسهامات مهمة في السلام والأمن العالميين، وتوفر وسيلة للدول لحل القضايا دون اللجوء إلى الصراع!.
الغريب أننا لم نلجأ إليها ولا مرة.. واليوم، ندخل معركة قضائية مع إسرائيل تنضم إليها ألمانيا، التي هددتها ناميبيا، المستعمرة القديمة في إفريقيا، وقالت لها بما معناه: «اللى اختشوا ماتوا».. وأصدرت الرئاسة في ناميبيا بيانًا ناريًّا يقول لها: هل نسيت ألمانيا جرائم الحرب التي ارتكبتها في ناميبيا؟.. فهى ليست طرفًا محترمًا في محكمة العدل الدولية، وتدعوها إلى عدم التدخل، فذلك أفضل لها!. وإذا كانت جنوب إفريقيا قد حرّكت القضية، فلأنها ذاقت مرارة التعذيب والفصل العنصرى، وقال ممثلها في المحكمة إننا نشعر بالفخر في هذا المكان، ولا يمكن أن نشعر بالحرية الكاملة ما لم تتحرر كل شعوب الأرض، خاصة فلسطين!.
وأخيرًا، نحن أمام معركة قضائية ليست سهلة، ولا مستحيلة.. وإن كانت المؤشرات تؤكد أن فلسطين سوف تكسبها في النهاية، مهما غلوشت عليها بعض دول الاستعمار القديم!.