أصداء الأحداث الأخيرة

أصداء الأحداث الأخيرة

أصداء الأحداث الأخيرة

 العرب اليوم -

أصداء الأحداث الأخيرة

بقلم - جميل مطر

الصخب فى كل مكان. قرقعة القنابل فى غزة مختلطة بصراخ وعويل الأمهات. طبول تحث الفتيات على هز شعورهن ترحيبًا بالضيف الكبير. أصوات مئات الصحفيين والمصورين تحاول جذب الانتباه. صفارات الإنذار تدوى فى مدن وسط إسرائيل مختلطة بفرقعات صواريخ ترتطم ببعضها، اليمن الحوثية تحاول تسجيل حضورها، طرابلس الغرب تنعى للعالم نهاية الهدوء المصطنع فى الحالة الليبية. القتل والتخريب والدمار فى السودان ينتقل جميعها إلى أقصى الشرق فى بورسودان وأقصى الغرب فى الفاشر مرورًا بالأبيض فى حرب منسية، الاستقرار ضل طريقه إلى عدد متزايد من الدول العربية، لبنان حيث الآمال كبرى والخطط تدبر والمستقبل يلوح بتفاصيل غامضة، سوريا وليست غزة الوحيدة المستفيدة من كرم استضافة ترامب، صخب غطى على اهتمامات القمة التى انعقدت لغير سبب معلن أو غير معلن، صخب يثير القلق.
• • •
ما سبق ليس أكثر من عينات لانطباعات عديدة تشكلت لدى مراقبين اختاروا متابعة أحداث الشرق الأوسط فى الآونة الأخيرة. يدفعهم الإدراك أو اليقين ربما بأن مستقبلًا للشرق الأوسط و«النظام العربى» يجرى طبخه بعناية فائقة وتكلفة باهظة وتحت صخب مريع وفى ظل قلق رهيب. يزيد من القلق تطورات أو صدف وأحداث لا تبدو مترابطة أو مدبرة أعرض فيما يلى لبعض منها:
أولًا: ولعله العنصر المفجر أو المضاعف لكثير مما يحدث، أقصد عودة دونالد ترامب إلى موقع اتخاذ القرار فى الولايات المتحدة. ترامب ليس السبب فى حالة الشلل التى تسود ما يعرف، أو ما كان يعرف بالنظام الإقليمى العربى، ولكنه راح يستثمر هذه الحالة ليضمن النجاح فى رسم وصنع شرق أوسط جديد لم يتردد فى التعبير عن هدفه هذا بكلمات صريحة.
ثانيا: ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التى يحاول فيها طرف أجنبى نقل إقليم الخليج من موقع النظام الفرعى إلى موقع النظام الإقليمى المكتمل الشروط. وليست المرة الأولى فى السنوات الأخيرة تجتمع قمة عربية بدون مشاركة معظم أطراف الخليج العربى.
ثالثًا: ليست المرة الأولى التى تمر بها المنطقة العربية بأحداث مس أكثرها صلب الوجود العربى بشكل عام أو على الأقل وتحديدًا وجود دول بعينها. لم يحدث من قبل أن انتقل التهديد بالوجود من عدمه من الحالة الإسرائيلية إلى حالة أو حالات عربية. سمعنا من معلق أجنبى أن الصورة التى تكونت لدى الرئيس ترامب منذ ولايته الأولى، ومن خلال تأمله الأعمق لمصالحه الشخصية والعائلية، شجعته على التفكير فى بدائل لإقليم الشرق الأوسط تخرج عن المعتاد أو المتوقع وبعضها يمس قضايا وجودية.
رابعا: مرة أخرى تثير تطورات دولية وإقليمية سؤالا مشروعا ومحقا. هل استفادت كل من جمهورية جزر القمر وجمهورية الصومال من انضمامها إلى، ولا أقول اندماجها فى، النظام الإقليمى العربي؟. يمكننا بطبيعة الحال ضم السودان لهذا السؤال. السودان التى فقدت شطرا جنوبيا عظيم الفائدة ودخلت حربا قد تنتهى بفقدان شطر آخر لا يقل أهمية. حدث هذا ويحدث والسودان دولة عضو فى المنظومة العربية. قيل لهذه الدول أن الدولة "العربية" المنضمة إلى النظام العربى تكسب بالانضمام جاها ومكانة فى النظام الدولى، قول أعترف بأنه يستحق البحث لإثباته من خلال دراسة تطور السياسة الخارجية والمكانة الدولية والإقليمية للدول الأعضاء. بمعنى آخر، أكثر تحديدا، نسأل إن كانت دولة عربية كالمملكة المغربية أو الجمهورية الجزائرية اكتسبت مكانة أفضل فى علاقاتها بالدول الإفريقية الأعضاء فى الاتحاد الإفريقى لسبب عضويتها فى النظام العربي؟.
نحن نعرف الآن أن الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى تحصد علاقات أفضل وأقوى فى سياستها الخارجية مع دول من خارج الاتحاد الأوروبى مثل دول العالم العربى أو مع الصين. دليلنا على أهمية ما نعرف هو التطور المذهل حقيقة فى العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى بشكل يوحى بأن الإنجليز نادمون على خروجهم من الاتحاد أو على الطريقة التى خرجوا بها. ومع ذلك لا يجوز تجاهل حقيقة اكتشاف أن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة عزلة نسبية عن بعض أنشطتها الخارجية وهو الأمر الذى لا شك يقلق المملكة المتحدة غير المرتبطة بالاتحاد الأوروبى ولا بأى نظام إقليمى آخر.
خامسًا: ننفرد فى «النظام العربى» بوضع خاص. حيث صار النظام الإقليمى العربى النظام الوحيد الذى ما زال شعب فيه يقع تحت حكم أو هيمنة مستوطنين أجانب. ترتب على هذا الوضع أمور عديدة، منها على سبيل المثال تردد بعض الدول الأعضاء فى تحدى المستوطنين المدعومين من أمريكا خشية تعرضها لغضب الدولة الأعظم الداعمة لإسرائيل. صار وجود المستوطنين على أراضى عربية نقيصة أو ذنب التصق بسمعة وقدرات النظام العربى بأسره وبأعضائه عضوًا عضوًا. هذا الوجود صار أيضًا سببًا فى نشوب نزاعات بين الدول الأعضاء فى هذا النظام.
صار هذا الوجود الاستيطانى دافعًا لأن يطلب المستوطنون من أمريكا ومن النظام الأوروبى الالتزام بنزع سلاح الشعب العربى تحت الاستيطان فى الحال وفى المستقبل. هنا يصبح نزع السلاح سلاحًا فى حد ذاته كالتجويع والإبادة إذ يترك دون تحديد ماهية السلاح ونوعه ابتداء من سكين مطبخ وانتهاء بصاروخ عابر للقارات أو قنبلة نووية.
واقع الحال فى المفاوضات الدائرة حول مستقبل غزة والضفة يشير بكل جلاء إلى نية دولة الاستيطان وحلفائها المتاخمين والقريبين استخدام طرق أربع أولها النزع الفعلى للسلاح وما شابهه فى غزة والضفة تحت إشراف إسرائيل المباشر، ثانيها العمل على قصر مصادر السلاح للدول العربية الأخرى على أمريكا والحلفاء الغربيين وتطبيق العقوبات على الدولة المخالفة، وثالثها التوسع فى تأسيس الجماعة الأمنية الإبراهيمية، ورابعها عدم المساس بواقع احتكار إسرائيل للسلاح النووى، وخامسها الاستمرار فى تنفيذ مخطط شن حروب سريعة ودورية ومفتعلة ضد مختلف دول النظام العربى، بعدت الدول أو قربت.
يجب الاعتراف بأن غزة قدمت للعالم، وللدول العربية بخاصة، مثالًا نموذجيًا، وهو القدرة الأسطورية على تحمل الجوع والحرمان والقتل رفضًا للهجرة والتخلى عن الأرض. هناك كارهون لكل أنواع المقاومة يتضارعون بأن العذاب تضاعف والبؤس تفاقم وبعض شعوبنا العربية حوصرت فلم نتقدم لحمايتهم.
• • •
حانت لنا فى مجمل زيارة ترامب لدول الخليج فرصة قد لا تتكرر مع رئيس أمريكى آخر وبالتأكيد لن تتكرر مع هذا الرئيس. زارنا وحصل على وعود باستثمارات لم تحصل على مثلها دول أوروبا من خلال مشروع مارشال. حصل منا على وعود ولم يبادلها معنا بوعود خاصة بفلسطين ولا خاصة برعونة حكام إسرائيل واعتداءاتهم المتكررة علينا مستندين إلى معتقداتهم الصفرية المنتهية دائما بحتمية إلغاء وجودنا.
• • •
صحيح طالت الحرب علينا، لكن طالت أيضًا عليهم.

 

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصداء الأحداث الأخيرة أصداء الأحداث الأخيرة



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab