عبير الكتب مارون والمتنبّي والرأس الضخم

عبير الكتب: مارون والمتنبّي والرأس الضخم

عبير الكتب: مارون والمتنبّي والرأس الضخم

 العرب اليوم -

عبير الكتب مارون والمتنبّي والرأس الضخم

بقلم:مشاري الذايدي

مارون عبّود الذي رحل عن عالمنا عام 1962 أديب وناقدٌ ومؤرخٌ لبناني كبير، فريدٌ في صدق عاطفته، واستقلالية أحكامه، وجرأة إبحاره في المياه العذراء.

هذا صاحبنا اليوم، لكنّا نرافقه هنا، لأنَّه صاحب «ضخْمٌ» من عمالقة الأدب العالمي، لا العربي فقط، أعني مالئ الدنيا وشاغل الناس، أحمد بن الحسين الكوفي، أو «المُتنبّي».

لمارون كتابٌ رائقٌ متفرّدٌ في ذوقه، بعنوان «رأسٌ ضخْم».

أدع لمُقدّم الكتاب، الأكاديمي العُماني د. سالم بن سعيد البوسعيدي، من جامعة «نزوى» الكلام، فيقول: «كما أن المتنبّي لم يعبأ بالقامات الشعرية التي سبقته، فجدّد وانطلق مبتكراً حتى ملأ الدنيا وشغل الناس، كذلك مارون لم يقف أمام صنم النُقّاد الكبار، بل انطلق ناقداً ومجدّداً مؤمناً بذوقه واثقاً، بنفسه متسربلاً بما يؤمن به، وحسْبُكَ أن تعلم أن هذا الكتاب هو مراجعات فاحصة لكتاب طه حسين: مع المتنبّي».

من الصعْب قطف كل ثمرات الكتاب، ووضعها في طبقٍ واحد هنا، لذا أقدّم قِطفاً واحداً هنا، وهو «يهزأ» من نقد الدكتور طه حسين على المتنبّي.

يقول مارون عن طه حسين: وقف عند هذا البيت ليشكَّ... ويشكَّ فقط:

ولو لم تَكوني بِنتَ أَكرَمِ والِدٍ لكانَ أَباكِ الضَخمَ كَونُكِ لي أُمّا

فاستنتج أن المتنبّي يشكّكُ في نسَب جَدّته بعض التشكيك، لأنه قال هذا البيت الذي «أملاه الغرور وصاغته الكبرياء»، ثم قعدَ يطالبه بذكر أبي جدّته الذي كان أكرم الناس، فمن هو هذا؟ وما اسمه؟ ولماذا لم يسمِّهِ لنا؟ إلى غير ذلك من تساؤلٍ بارد.

يمعن مارون في سلّ شفرته: «مسكين أبو الطيب، فهو من طه في جهد جهيد، إن يقُلْ عيّرهُ بالغرور والكبرياء، وإن سكَتَ أحرجهُ، ولكن المتنبّي كالجاحظ عنده ألفُ جوابٍ مسكتٍ، متى كان الشعرُ موطنَ التراجم يا ترى؟ إن (متّى) وحده كتب إنجيل السلسلة وكثيراً ما تُضحكنا قراءتهُ، فهل مثل هذا ما يطلبه طه من المتنبّي؟ وهل كنّا نصبرُ عليه لو نظَم لنا سيرة تلك المستورة؟ أما ضقت به يا دكتور لأنه ذكر جدَّهُ، وتساءلت من هو هذا الذي كان أكرم الناس؟».

يحرّك مارون شفرته الحادّة يميناً وشمالاً: «وهكذا يسوّد طه عشرات الصفحات مفتشاً عن لا شيء، ثم لا يظفر بشيء إلا الشذوذ الذي رآه في حياة المتنبّي فعزاه إلى ضعف أُسرته، نحن مثلاً نرى في حياة طه شذوذاً، ومن تخلو حياته من شذوذ؟! فلماذا لا نعزوه إلى شيء من هذا؟ ولماذا لا نطالبه باسم أُمّهِ، وقد ورد ذكرها مئات المرات في الأيام؟».

على ذكر مرثية المتنبّي لجدّته، لنرتشف هذه الرشفات من النفس الجامحة الرهيبة:

وما انسَدَّتِ الدنيا عليَّ لِضيقِها ولكنَّ طَرْفاً لا أَراكِ بِهِ أَعمى

فَوا أَسَفا أَن لا أُكِبَّ مُقَبِّلاً لرَأسِكِ والصَدرِ الَّذي مُلِئا حَزما

ثم قِفوا على هذه الشوامخ الشاهقة لهذه النفس الهائجة:

يقولون لي ما أَنتَ في كُلِّ بَلدَةٍ وما تَبتَغي؟! ما أَبتَغي جَلَّ أَن يُسمى

كذا أنا يا دُنيا إِذا شِئتِ فاذهَبي ويا نَفسُ زِيدي في كَرائِهِها قُدما

فلا عَبَرَت بي ساعةٌ لا تُعِزُّني ولا صَحِبَتني مُهجَةٌ تَقبَلُ الظُلما

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبير الكتب مارون والمتنبّي والرأس الضخم عبير الكتب مارون والمتنبّي والرأس الضخم



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab