مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه

مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه

مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه

 العرب اليوم -

مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه

بقلم : تركي الدخيل

«مصائب قوم عند قوم فوائد»

هذا عجز بيتٍ يردده المحدثون بكثرة وصدره:

«بذا قضت الأيام ما بين أهلها» ولقد ذهب العجز حكمة بل قل مثلاً سائراً بين الناس.

ويندر ألا تجد قصيدةً للمتنبي إلا وفيها حكمة ولا نبالغ إذا قلنا إن حكمة المتنبي تنقلب مثلاً ليس له مضرب.

وعدَّد ابنُ الشجري في أماليه أمثالاً لأبي الطيب المتنبي، جاءت في أعجاز أبيات.

فمنها: أنَا الغَريقُ فَما خَوفي مِنَ البَلَلِ

المصائب تُصَغِّر عظائمها سواها، ويخشى الناس البللَ في أحوالهم الطبيعية، لكنَّ الغريق لا يأبهُ بحالٍ للبللِ. في القاموس المحيط: البلل: ابتلال الرطب.

قال ابن وكيع، في «المنصف للسارق من المسروق» عن بيت المتنبي: هو مأخوذ من قول عدي بن زيد:

لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصّان بالماءِ اعتصاري

قُلتُ: ما أبعدَ بيت المتنبي من بيت ابن عدي! لا لجهةِ جمال المعنى، ولا لجهة جمال المبنى!

وقال الواحدي والعُكبري: وهذا من قول بشار:

كمزيل رجليه عن بللِ القطر وما حولَه من الأرضِ بحرُ

قُلتُ: هو أجملُ من قول بشار.

ومنها: وكُلُّ اغْتِيَابٍ جَهْدُ مَنْ مَا لَهُ جُهْدُ

ذكر المتنبي جهدَ في العجز مرتين، الأولى بالفَتح؛ جَهْدُ، وَهي كمَا قالَ الوَاحِدي: المشقَّةُ. والثَّانيةُ بالضم؛ جُهْدُ، وهي: الطَّاقة.

فِي «الذخائر والعبقريات»: «قالوا: غضبُ الجاهلِ في قولِه، وغَضبُ العاقلِ في فِعْلِه».

قالَ بعض بني أُمَيَّة: «الغيبةُ جهد العاجز»، كمَا عند ابن وكيع. أمَّا «النظام في شرح شعر المتنبي»، ففيه: «قال المبارك بن أحمد: إنَّما أخذه من قولِ الإمامِ علي عليه السلام: الغيبة جهد العاجز».

قُلتُ: الغيبةُ سلوكُ الدَّنيء.

فَالمُتنبّي يُنكِرُ على نفسِه مجازاةَ عدوّه باغتيابِه، فهذَا جهدُ مَنْ لَا جهد لهُ، وَهو مشقةٌ يبذلُها من ليست لديهِ طاقة. واستشهدَ الواحديُّ والبَرقوقيُّ بقولِ الشَّاعر:

وتَجهَلُ أَيدِينا وَيَحْلُمُ رَأيُنا وَنَشتِمُ بالأَفعالِ لا بالتَّكَلُمِ

ونسبهُ البرقوقي إلى إياس بن قتادة، ووجدت النهشلي القيرواني (ت 405 هـ) في «الممتع في صنعة الشعر» ينسبه إلى معيذ بن علقمة.

والصَّحيح أنَّه: معبدُ بن علقمة المازني، شاعر مخضرم، صحابي، شهد فتح مكة، وفاته نحو عام 70 هـ.

والبيت السابق، مذكور في شعرِ الحَماسةِ.

والحِلمُ: هو «الأناةُ والسَّكون مَع القدرةِ والقوة»، كَمَا فِي «الكُليات»، وعرفه الجُرجانيُّ بأنَّه: «الطُّمأنينة عِند سَوْرَةِ الغَضَب».

ومنهَا: ليسَ التَّكَحُّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ

قالَ أبو العلاء المعري: الكَحَل: أن تكونَ أشفارُ العينِ سوداءَ خِلقةً. والتَّكَحُّل: استعمالُ الكُحل.

وصدر البيت قوله: لأنَّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لَا تَكَلَّفُهُ

فما تمارسُه من حِلمٍ يأتي طبيعةً، بلا تكلُّفٍ، ولا تَصنُّعٍ. والفرقُ بينهما كالفرقِ بين من خُلقت أشفارُ عينيه سوداء، ومن وضعَ الكحل في عينيه. يُقال: لم تَكتحل عيناه بنومٍ؛ أي: لم يَنمْ.

وفِي الأمثال: يسرقُ الكحلَ من العين. للماهر في الاختلاس. الكحلُ في العينِ الرمدة خسارة. أرادَ أن يكحلَها فأعمَاهَا.

arabstoday

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه مِنْ حِكَمِ المُتَنَبّي وَأَمْثَالِه



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:07 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
 العرب اليوم - دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 01:53 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
 العرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 09:06 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يوقف حفله في دبي بسبب نيللي كريم وأحمد السقا

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 20:43 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تنفق ملايين الدولارات لتحسين صورتها في أميركا

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab