الحنين إلى البؤس

الحنين إلى البؤس

الحنين إلى البؤس

 العرب اليوم -

الحنين إلى البؤس

سمير عطا الله

نحن أمام ظاهرة لا سابقة لها في تاريخ الأمم، نصفها مضحك ونصفها خطر: الصين، على حجمها وعظمتها، تحاول أن تستعيد هونغ كونغ إلى حضنها الأمومي، وهونغ كونغ تنزل إلى الشوارع مستغيثة بالعالم، صارخة، لا أمي ولا أعرفك.
بعد نحو 150 عاماً من العيش في هوية حرة وغنية، في تقاليد وأسلوب وطرق مختلفة، تريد بكين الآن إعادتها إلى حظيرة غابت عنها كل هذه السنين. صحيح أنها كانت دائماً في جوارها، وتتحدث لغتها، ومثلها تأكل الأرز بالعصي الصغيرة، لكن هوة هائلة كانت تفصل بين أهل الجذور الواحدة. ففيما كان أهل البر الصيني يرتدون ثوباً واحداً للرجال والنساء، توفيراً للقماش، كانت هونغ كونغ تشتهر بأنها البلد الذي تستطيع أن توصي فيه على ثمانية أطقم في يوم واحد. وبينما كانت الصين الأم تتقاتل على الإعاشة، كانت هونغ كونغ تصنع أكبر عدد من أصحاب البلايين في العالم.
ذلك كان الفارق في نوعية النظام. وعندما قررت الأم تغيير حياتها وتقليد الابنة، كانت كل واحدة منهما قد أصبحت عالماً مختلفاً. كان اللبنانيون يهاجرون من قراهم فلاحين فقراء. وبعد نصف قرن يعودون من أميركا ليجدوا أنهم في عالم لم يعد يعرفهم أو يعرفونه. صحيح أن العائلة واحدة واللغة واحدة، لكن هناك نصف قرن من التقدم والاختلافات الأخرى. لم تعد القرية عالمهم إلا في الحنين. والحنين هو الماضي. هو السابق. السنون التي ذرت في الهواء. الأمس الذي لا يعود ولو شدّ به ألف ساعد. أو مليار.
ينزل كل يوم ألوف الصينيين إلى الشوارع ليقولوا لأقربائهم في الجهة الأخرى ابقوا هناك. صحيح أننا لسنا بريطانيين، لكن أيضاً لسنا صينيين. نحن تجربة فريدة على هذه الأرض اسمها هونغ كونغ. كنا مجموعة أكواخ ومراكب وفقراء، والآن أصحاب أغلى متر مربع في هذه المعمورة. ستون جزيرة و7 ملايين نسمة وواحد من أعلى دخول الفرد في العالم: 41 ألف دولار مقابل تسعة آلاف لشقيقنا العزيز في البر الأم.
تحاول الصين الأم الآن اللحاق بابنتين شاردتين: هونغ كونغ وتايوان. وتطلب عودتهما إلى بيت الطاعة. هل سمعت عن غني يريد العودة إلى الفقر بداعي الحنين؟ يبدو أن الصين لا تقرأ لائحة الأثرياء السنوية في مجلة «فوربس».

arabstoday

GMT 18:42 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

دراما هاشم فؤاد

GMT 18:40 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

مصر وتوجيه بوصلة العلم إلى الشرق

GMT 18:34 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

شروق غزة !

GMT 18:30 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

مصر والأزمات الإقليمية

GMT 09:51 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أوطان تذوب ودول تُمحى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحنين إلى البؤس الحنين إلى البؤس



الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:00 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

وفاة الممثل برنارد هيل بطل تيتانك

GMT 08:09 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

وفاة الفنان العراقي علي المطوع

GMT 20:21 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

3 طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء

GMT 07:59 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

إسرائيل تستهدف 3 مواقع في ريف درعا السورية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab