ليس للمراقب ما يفعله

ليس للمراقب ما يفعله

ليس للمراقب ما يفعله

 العرب اليوم -

ليس للمراقب ما يفعله

بقلم:سمير عطا الله

غابت الشمس تماماً. لم يبق من أشعتها أي لون. ويقتضي في هذه الحال أن يضيء صاحب البرج جميع الأنوار. فيفعل. ويلقي نظرة تأكدية على جميع النواحي، على نحو عفوي، ويضع حقيبة اليد على الطاولة ويفتحها للتأكد من أنه حمل معه كل لوازم العشاء. ثم، في صورة آلية، يتفقد المطار تحته مرة أخرى: المدرجات والأسوار وسيارات الإطفاء. خلو تام.

إنه وحيد هذه الليلة، هو، والمطار. عندما سلمه زميله النوبية، قال له: لا مزيد من الرحلات اليوم. الأخيرة كانت في الرابعة. «الميدل إيست» من غانا. ثمانية ركاب. تعجب الاثنان من جرأة المسافرين والطواقم على السواء. قال الثاني للأول: معظم الطيارين يجدون الوقت لتبادل التحيات والأخبار. أي أخبار؟ انتبهوا على أنفسكم. الأخطار على الأرض لا في الجوّ. أحاديث الطيارين والمراقبين.

يودع الثاني الأول ويتجه إلى سيارته. وما أن يخرج من حرم المطار حتى لا يبقى من ضوء سوى ضوء سيارته. ومن حوله عتم دامس «لا يمكنك فيه أن ترى رأس إصبعك». ينتابه خليط من خوف وذعر ومجالدة. يتطلع إلى جانبيّ الطريق، فلا يرى شيئاً سوى الظلام. ويضحك عندما يرى إشارة ضوئية لا تزال تعمل: أخضر أحمر. قف. امشِ. تمهل. لأي قانون تخضع هذه الإشارة.

الزميل الأول جلس في مقعده أمامه لوحات الرقابة، لكنه أدار التلفزيون لكي يعرف ماذا يدور في الخارج، على بعد أمتار منه. بعكس الأضواء. والخالية أمامه، كان عالم التلفزيون ملتهباً. جميع الشاشات تنقل الحرب، شعر بخوف على المراسلين وهم يعيشون في الآونة الأخيرة بين أخبار الموت والحياة. لم يعد يوجد هناك وقت لإحصاء المصابين، فجأة، اتصل بزوجته مذعوراً. لقد نسي أن يبلغها أنه أصبح في المكتب. «كيف كانت الطريق؟»، قبل أن يجيبها ارتجت الدنيا من حوله. شعر أن البرج يميل به. ثم ازداد الارتجاج هولاً. وتطلع فرأى جبلاً أسود من الدخان يتصاعد. أخذ كوباً من الماء يرطب جزعه، قالت له زوجته إنها ترى المشهد نفسه على التلفزيون. ثم طبعاً، السؤال الدائم: طويلة؟ ويجيب أن هذا ما يبدو. جهنم ومفتوحة. ثم سمع انفجاراً آخر كأن جحيماً من القنابل اندلع في المبنى نفسه.

كاد يضحك من نفسه وهو يرى أنه لا عمل يفعله، بينما في الأيام العادية لا يستطيع أن يترك الشاشة لحظة واحدة، هو أو أي من رفاقه. واحد من أقدم مطارات العالم مغلق، لكنه مضاء مثل قلعة بعلبك.

أسلحة نتنياهو تقصف، وتقذف وتبيد وتبدد. تذكر المراقب شيئاً. اتصل بزوجته مرة أخرى: نسيت أن أسألك: هل ولّدت ابنة الجيران!

 

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس للمراقب ما يفعله ليس للمراقب ما يفعله



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab