مفكرة القرية تلة متحركة

مفكرة القرية: تلة متحركة

مفكرة القرية: تلة متحركة

 العرب اليوم -

مفكرة القرية تلة متحركة

بقلم:سمير عطا الله

كان حطاباً. وأنا أقول ذلك من البداية لكيلا يتبادر إلى الذهن أن هذه حكاية، ولها فصول وخواتم، سعيدة أو خلافها. لا شيء من هذا. لكن المحيّر أن فضل - وهذا اسمه الأول - لم يكن حطاباً على وجه الضبط. أجل، كان يعمل في تجارة الحطب، ولا شيء غير ذلك على الإطلاق، ومع هذا لا يمكن تسميته حطاباً، أو وصفه بأنه كذلك. وللمزيد من الوضوح يجب أن أضيف أنه الوحيد الذي يقوم بهذا العمل في الضيعة، وربما في الجوار أيضاً.

من بعيد، يبدو العمل مألوفاً. يذهب إلى الأحراش ويقطع ما يبسَ من الشجر، ويربطها في حزمة، ويربط الحزمة بحبل، ويلف الحبل على جبينه، ثم يتوكل وينهض ويأخذ في الطلوع صعوداً، حمله على ظهره، وظهره منحنٍ كأنما سيقبّل الأرض، ويظل صاعداً إلى أن يصل أول الضيعة، فيأخذ في إنزال الحمل على مهل، ويفك الحبل ويلقي ظهره على الحطب ويتنفس «السعداء». ثم يمد يده إلى جيب قميصه ويأخذ علبة التبغ ويلفّ لنفسه سيجارة، ويروح ينفخ في الهواء، ثم ينفض رمادها بتمهل.

إذن؟ لا. ليس إذن بعد. ما زال عليه أن يحمل الحطب من جديد ويوصل «النقلة» إلى طالبها. في أعالي الضيعة، أو في أواسطها. فمن دونه لا حطب ولا مواقد ولا دفء. الموزع الحصري الوحيد. بطل الأحمال والأثقال. قاهر الطلعات، جامد النزلات.

وقبعته؟ قبعته ترشح عرقاً وتحميه من شمس الصيف، وبرد الشتاء. وعندما يجلس ليستريح يضعها على ركبته في رفق كأنه يريد لها أن تستريح قليلاً هي أيضاً.

إذن؟ إذن ماذا؟ لا هذه ولا تلك هي المسألة. المسألة كيف يحزم هذا الرجل هذه الكمية الأسطورية من الأحطاب، واحدة حذاء الأخرى، من دون أن تقع. يصفّها صفاً كأنها ألفباء الأبجدية، أو جدول الضرب. يجمعها، يحملها، وينهض بها، ويمشي صعوداً بصعوبة مريرة، أو نازلاً في خفة خادعة.

طوال العام، طوال الحياة. المهنة «حطاب»، وهو أجادها بحيث لم يعد في إمكان أحد أن يعرف إن كانت هذه الكمية من الأحطاب تسير مثل تلة منزلقة، أو حقاً تحتها رجل يربط كل هذا النتاج من الغابات بحبل حول رأسه. في كل حال، الحطابون سيئو الحظوظ. كما في قصيدة «فينوس خوري - غاتا».

 

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية تلة متحركة مفكرة القرية تلة متحركة



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:17 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab