سيرة في الضمير

سيرة في الضمير

سيرة في الضمير

 العرب اليوم -

سيرة في الضمير

بقلم - سمير عطا الله

ربما يتمثل أهم تعبير عن الحياة في هذا العالم في رجلين، كلاهما من روسيا: الأول، الكونت ليون تولستوي (1828 - 1910)، والثاني، فلاديمير إيليتش لينين (1870 - 1924). الأول من عائلة من النبلاء الأثرياء. الثاني من عائلة ميسورة. الأول اعتبر أعظم روائي في العالم، «على الإطلاق»، كما قالت فرجينيا وولف. الثاني، أشهر ثوري في العالم. كلاهما كافح من أجل الاشتراكية والعدالة الاجتماعية. الأول، فعل ذلك، بأن ألغى الرق في أملاكه وأطيافه، وأنشأ مدرسة خاصة لتعليم أبناء الأقنان، وكلف زوجته الإشراف على تعليمهم، وساعد بعض الأقنان في إقامة مشاريع خاصة بهم، ووضع المؤلفات العظيمة ضد الثأر والعنف، وأعظمها «الحرب والسلم». وسماه البعض «ضمير العالم»، وكان من أشهر تلامذته والمتأثرين به المهاتما غاندي، الذي حرر الهند بالصفح عن مستعمريها.
الرجل الآخر أمم أملاك الأغنياء، وأرسل رفاقه إلى السجون وإلى منفى سيبيريا للموت صقيعاً. وأهبط مستوى التعليم، ونشر روح الحقد والكراهية بين الناس، وبدل الدعوة إلى المساواة بينهم، دعا إلى ديكتاتورية الطبقة العاملة، وأسس لأعتى الأنظمة الديكتاتورية في العالم.
اقتنيت في شبابي جميع مؤلفات لينين، وكانت تباع بسعر رخيص، أو دعائي، وهي من 250 جزءاً، معظمها يضم خطاباته، أو كلماته الحزبية. وإذا كان الروس أرباب الأدب والشعر، فالمؤكد أن لينين لم يكن منهم. حاولت كثيراً البحث عن عمل أنجذب إليه، ولم أستطع. وعندما ضاقت الرفوف بالكتب، كانت مؤلفات فلاديمير أول ما أرسل إلى المخزن.
منذ ذلك الوقت، في كل السنوات، في كل البلدان التي أقمت فيها، ظلت «الحرب والسلم» و«آنا كارينينا» و«موت إيفان إيليتش» على مقربة مني. لست أقرأ فيها الأبطال الذين رسمهم بمهارة فائقة، ولا قراءته لمستقبل البشرية، ولا سرده الجميل، بل أبحث دائماً بين السطور عن البطل الأعظم في رواياته، ليو تولستوي، خصوصاً في «آنا كارينينا» التي رأى النقاد فيها جزءاً من سيرته الذاتية. وقد دون جزءاً آخر من تلك السيرة في «الحرب والسلم». وخلال حياته تأثر به جيل من كبار الكتاب الروس، بينهم دوستويفسكي، الذي يقارعه إلى اليوم موقع الروائي الأول في آداب العالم. ويتنازع هذا الموقع الفرنسيان، بلزاك وبروست، والإنجليزي تشارلز ديكنز. وفقط.
لكن جميع أصحاب تلك الأسماء كانوا فرديين. أدب عظيم وحياة شخصانية أنانية. دوستويفسكي في القمار، وبلزاك في الملذات، وديكنز في الخيانات الزوجية. نادراً ما نجح الأدب الملتزم. لكن تولستوي جعل منه فناً رائعاً وعابراً للأزمان.

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيرة في الضمير سيرة في الضمير



GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab