سوى الروم

... سوى الروم

... سوى الروم

 العرب اليوم -

 سوى الروم

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

وقد وقع ذلك، جنابك، حوالي الثالثة فجراً. والفجر هنا إشارة إلى الوقت لا إلى علاماته أو معالمه. فما كان ضياء ولا شروق في الانتظار، وإنما سُحُب سوداء ملبدة بحمولاتها من المياه. ترمي الماء، ثم تعبئ، ثم تفرغ. تصخب وتضج وتغضب وتحلك وتنفلت ولا ترف ولا تكف، بل تندفع سريعة أينما حملها جنونها. ثم الريح تعوي وتشتد وتحني الأشجار من أعناقها عنوة، وفجأة يخترق العتم بريق كهربائي قادم من مغاور الرعب، ثم يكون رعد هائل ودوي عظيم.
ماذا حدث للأرض؟ وماذا حل بالسماء؟ وإذ تنقبض الدنيا على نفسها ويختل توازنها، تنغلق وترسل صوتاً مرعباً وتنهار المباني وترتج الناس في أسرتها وتقوم مذعورة مولية الأدبار إلى الفلاة خوف تداعي الجدران وسقوط السقوف. ولقد خطر لي، جنابك، اللحاق بالخائفين، ولكن إلى أين؟ الأمطار أطنان في السماء، وعلى الأرض بحار. والبرد سكاكين، والظلام عماء كاسح يشل كل شيء. خير لك البقاء مكانك حيث لست مشرداً أو لاجئاً أو نازحاً أو أياً من مسميات الذل البشري، حيث تنمق الجريمة بألفاظ قانونية وبنود شرعية.
في هذه المحنة التي لا وصف لها، ليس لك سوى شاعر العصور: «وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ». مأزق مسدود في كل اتجاه. وبعد طلوع الصباح وظهور شيء من الحركة في الخارج، تبدأ الأنباء بالتسرب. احمد ربك، لأنك حيث أنت. على بعد منك الناس تموت بالآلاف، والمباني تنهار بالمئات، والمنازل أكفان العائلات والأطفال. والدنيا عجز والقوة هوام. العتاة والقساة والمتجبرون، هوام حول ضوء شحيح، يطلبون النجاة. يطلبون ما يرفضون إعطاءه، الرحمة والرأفة والعفو.
راحت الأنباء تتتالى من تركيا وسوريا. ألف ثم ألفان ثم ثلاثة، ثم توقف العد. لكن الزلازل لم تتوقف. ظلت تدك تركيا، وترتد في سوريا، ويشعر بها في مصر والأردن. الهائجة بعد الجائحة. جرثومة صغيرة لا ترى وزلزال هائل لا تقوى على رؤيته.
في ذلك الصباح، جنابك، تعلن تركيا أن عدد سكانها بلغ ارتفاعاً جديداً: 85 مليون نسمة. هل من الضروري إعلان ذلك الآن؟ عدم المؤاخذة. البيان كان معداً ومنتهياً في السجل. ولا بد من إذاعته.
بين عدد الولادات وعدد الوفيات يضيع العدد الأكبر والأهم: ألوف المشردين والمعذبين والبؤساء، الذين لا سقف ولا بساط وقنديل.

arabstoday

GMT 07:28 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 07:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 07:22 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 07:21 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نجح الفنان وفشل الجمهور

GMT 07:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 سوى الروم  سوى الروم



 العرب اليوم - غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول

GMT 07:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

GMT 07:22 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 07:28 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 01:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الثالثة غير مستحيلة

GMT 00:33 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

بريطانيا... آخر أوراق المحافظين؟

GMT 07:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 00:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 00:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab