البحث عمَّن بحث عنهم السادات

البحث عمَّن بحث عنهم السادات

البحث عمَّن بحث عنهم السادات

 العرب اليوم -

البحث عمَّن بحث عنهم السادات

بقلم: سليمان جودة

يبحث المرء عن صوت للسلام في إسرائيل، فلا يكاد يقع على صوت واحد له تأثيره أو صداه، إلا بالكاد صوت إيلان بابيه، المؤرخ اليهودي الذي يعرفه كل متابع للشأن الإسرائيلي.

ورغم أن بابيه يعيش في لندن، ورغم أنه يحمل الجنسية البريطانية، ورغم أنه لا يذهب إلى إسرائيل، فإننا تجاوزاً يمكن أن نعدَّه من بين أهلها اليهود، لا من بين أهلها الإسرائيليين الذين لا يجدون شيئاً فيما تمارسه حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة في قطاع غزة وفي الضفة معاً.

ماذا جرى حتى تخلو الدولة العبرية كلها من صوت قوي يؤمن بالسلام؟ وهل من الممكن أن تختفي جماعة «السلام الآن» فجأة هكذا هناك، فلا نكاد نسمع لها حساً أو نقرأ عنها خبراً، إلا أن يخرج عنها بيان مرة أو مرتين ثم لا شيء؟ هل يمكن أن يكون السلام قد عاد غريباً في إسرائيل، كما بدأ فيها عندما أبرمت معاهدة السلام مع مصر في 1979؟

كانت جماعة «السلام الآن» ذات شأن واعد في المجتمع الإسرائيلي ذات يوم، وكانت تملأ الدنيا في مجتمعها، وكانت تشغل الناس، وكان الرهان كبيراً على أن تكبر مساحتها وتتسع رقعتها بين الإسرائيليين. وكنا نتمنى لو راحت تكتسب مؤمنين برسالتها ومؤيدين جُدداً لها في كل صباح، ولكن الذي حدث كان العكس، فاختفت الجماعة التي كانت ذات صيت كبير في بدايتها، وانحسرت فصارت شيئاً من الماضي. وقد كان الأمل أن تكون حاضرة في القلب مما تمارسه حكومة نتنياهو، ومعه رفاقه المتطرفون في الحكومة.

صحيح أن صوت بابيه بقي خافتاً منذ بدأت المقتلة الإسرائيلية في القطاع، ولكنه ارتفع مؤخراً، وراح يعترض ويقول إن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية في غزة هو إبادة جماعية، وإنه لا حل إلا بأن تتحرر فلسطين، وتصبح للفلسطينيين دولة مستقلة ذات سيادة إلى جوار الدولة العبرية، رأساً برأس، وأرضاً بأرض.

أعرف أن هناك مَنْ لا يرى فرقاً بين اليهود بوصفهم أصحاب ديانة سماوية، وبين الإسرائيليين بوصفهم أصحاب عقيدة سياسية لا ترى أي حرج في الاستيلاء على أرض الغير، من دون وجه حق. أعرف هذا وأتابعه وأرى أنه خطأ، لا لشيء إلا لأنه تعميم، ولأن التعميم لا يجوز في كل الأحوال؛ لأنه يساوي بين أشخاص مختلفين بطبيعتهم وكيانات مختلفة بطبيعتها.

ثم إن التعميم يجعلنا نفقد أصواتاً تقف مع عدالة القضية وتنتصر لها، ولا يزال إيلان بابيه واحداً من هذه الأصوات، ولا بد من أن نذكر أن يهوداً خرجوا في نيويورك ينتصرون للمدنيين في أنحاء القطاع، وقد فعلوا ذلك مع ما نعرفه من أن نيويورك هي معقل اليهود في العالم، ولكن إيمان الذين خرجوا فيها يعلنون رأيهم بما خرجوا من أجله كان أقوى من كل خوف، وكان أكبر من أن يخضع للابتزاز السياسي العلني الذي تمارسه حكومة التطرف الإسرائيلية ضد كل منتصر لقضية فلسطين.

وكانت المفارقة أن الذين خرجوا يحتجون بالمقابل في إسرائيل، كانوا يحتجون لأن لهم أقارب أسرى لدى حركة «حماس»، لا لأنهم يؤمنون بالسلام ويدعون إليه، فكانوا إسرائيليين حتى وهُم ينظمون الاحتجاجات، ولم يكونوا يهوداً يهمهم أن يكون للسلام مكان كمبدأ يجب أن يحضر ولا يغيب.

وعندما ذهب بابيه إلى الولايات المتحدة هذا الشهر، فإنهم قد استوقفوه في مطار ديترويت، وأخضعوه للسؤال والجواب، وجعلوه محل استجواب كأنه قد ارتكب ما يخالف القانون، ولم يكن في سيرته الشخصية ما يوجب ذلك، فهو من دعاة السلام، وكتاباته لا تُقر جرائم إسرائيل في الأراضي المحتلة. وعندما طار فوق الأطلنطي كان قد ذهب ليقول ما يعتقد فيه أمام جماعة «أصوات يهودية من أجل السلام» في ميشيغان.

كنا في وقت سابق لا نبالي بالتغير في إسرائيل، ما دام تغيراً على مستوى الحكومة لا مستوى الناس، ولكن التغير هذه المرة يبدو وكأنه قد امتد من «الكابينيت»؛ حيث مقر حكومة التطرف، إلى الشارع؛ حيث لا ينظم الإسرائيليون الاحتجاجات إلا في سبيل عودة بضع عشرات من أسراهم، أما السلام الذي لا حياة للشعوب من دونه، فلا يجد أنصاره ولا مؤيديه هناك بما يكفي.

إننا نذكر أن السادات لمَّا ذهب يزور إسرائيل في 1977 سأل عما يقوله الناس في شوارع تل أبيب، وعرف أنهم يؤيدون الذهاب إلى السلام الذي كان هو قد زار بلادهم من أجله، فقال إن هذا أهم خبر يسمعه، وإن هذا ما يهمه؛ لأن الشارع هو الذي يقود الحكومة.

بحث السادات في وقته عن الذين يؤمنون بالسلام في الشارع الإسرائيلي، فلما قيل له إنهم موجودون اطمأن يقينه وآمن بأن مشروعه للسلام له سند بين الإسرائيليين. ونبحث نحن عمَّن كان يبحث عنهم الرجل قبل ما يقرب من أربعة عقود من الزمان، فلا نكاد نعثر لهم على أثر، وهذا مما يدعو إلى القلق على مستقبل السلام في منطقة هي أحوج ما تكون إليه.

 

arabstoday

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عمَّن بحث عنهم السادات البحث عمَّن بحث عنهم السادات



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - السعودية اليوم

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
 العرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي
 العرب اليوم - جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 01:07 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 04:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يتسلم جثة رهينة جديد من قطاع غزة

GMT 14:40 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"غوغل" تتطلع للفضاء لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي

GMT 05:52 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

انقطاع الكهرباء في أوكرانيا بعد هجوم روسي

GMT 14:34 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

5 أطعمة ومشروبات تجنبها مع البيض

GMT 05:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 4 أشخاص في تحطم طائرة بروسيا

GMT 11:54 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تحسم الجدل حول فيديو الاعتداء على مواطن في الحرم المكي

GMT 05:45 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب إقليم بلوشستان دون أنباء عن خسائر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab