بقلم : سليمان جودة
ظاهر الأمر يقول إن حركة حماس اتفقت مع الولايات المتحدة على الإفراج عن الأسير إيدان ألكسندر، وأنه بقى قيد الاحتجاز لدى الحركة منذ بدء حرب إسرائيل على غزة. والسؤال هو: هل أفرجت حماس عنه دون سواه لأنه فقط يحمل الجنسية الأمريكية، أم أن سببًا آخر يقف وراء عملية الإفراج؟.
هناك طبعًا سبب آخر جعل إدارة ترمب تدخل فى مفاوضات مباشرة مع حماس فى الدوحة، فتكون نتيجتها الإفراج عن هذا الأسير ضمن صفقة أكبر سوف تنتهى فى الغالب بوقف الحرب.
أما السبب الآخر فهو أن ألكسندر سجّل فيديو منذ فترة دعا فيه إسرائيل إلى وقف الحرب، لأن وقفها يعنى إطلاق سراحه مع زملاء آخرين له، ولكن حكومة نتنياهو جعلت أصابعها فى آذانها، ولم تشأ أن تسمع شيئًا مما قاله، وكانت النتيجة أن عددًا من أسراها ماتوا فى أماكن احتجازهم بنيران صديقة.. أى بنيران إسرائيلية.. ولو شئنا الدقة قلنا إنها كانت نيرانًا غبية ليكون الاسم على مسمى.
ولم ييأس ألكسندر فعاد فى منتصف أبريل ليسجل فيديو آخر أذاعته وكالة الأناضول، ولكنه هذه المرة خاطب الرئيس ترمب، وقال له إنه يربأ به عن أن يقع فريسة لأكاذيب يطلقها نتنياهو، وأنه لا يصدق أن يكون رئيس الولايات المتحدة بجلالة قدرها وقدره، قد وقع ضحية لعملية خداع كبرى يمارسها رئيس الحكومة الإسرائيلية منذ بدء الحرب.
فى الفيديو الثانى كان الجندى الأسير يراهن على أن ما يقوله سيصل ساكن البيت الأبيض، وأن حديثه سيكشف خداع نتنياهو إذا وجد طريقه إلى الإدارة الأمريكية لتسمعه.. ويبدو أن الفيديو وصل الإدارة بالفعل، وأنه جعلها تعيد تقييم ما تسمعه من رئيس حكومة التطرف فى المقابل.
الغريب أن ستيف ويتكوف، مبعوث ترمب فى الشرق الأوسط، خرج فى لحظة الإعلان عن الإفراج عن الجندى ليقول إن اسرائيل تريد إطالة أمد الحرب عن قصد!.. فهل كان ترمب، وإدارته، ومستشاره، فى حاجة إلى كل هذا الوقت منذ دخلوا البيت الأبيض فى 20 يناير، ليدركوا ما قاله ألكسندر فى فيديو من دقيقتين؟.. كانوا هكذا بكل أسف، وكان الثمن الذى دفعته غزة فادحًا، ولكن المهم أنهم أدركوا.
لا تزال الأسطورة اليونانية «كعب أخيل» مثالًا على نقطة الضعف فى أى كائن يتصور نفسه الأقوى، ويبدو أن فيديو إيدان كان هكذا بالنسبة للحكومة فى إسرائيل.