فكرة في حياتي وحياتك

فكرة في حياتي.. وحياتك

فكرة في حياتي.. وحياتك

 العرب اليوم -

فكرة في حياتي وحياتك

بقلم: سليمان جودة

يجمع بين نجيب محفوظ والكاتب الإنجليزى صمويل بيكيت أنهما حصلا على نوبل فى الأدب، ولكن بيكيت غادر الدنيا بعد حصول محفوظ عليها بسنة.

ورغم أن صمويل بيكيت أبدع الكثير من الأعمال المكتوبة، إلا أنه لسبب غير مفهوم اشتهر بعمل واحد لا يكاد الناس يذكرون له عملاً سواه. وقد عرف تاريخ الأدب أسماءً كبيرة أخرى كتبت الكثير، ولكن رواية أو مسرحية واحدة هى التى استحوذت على الشهرة كلها دون بقية ما كتبوه.

فالطيب صالح كتب الكثير مما يمكن أن يعتز به ويتعلق به القراء، ولكن رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» طغت عنده على كل ما عداها. وما يقال عن الطيب صالح يقال عن يحيى حقى الذى انفردت رواية «قنديل أم هاشم» بشهرته بيننا فلا يكاد أحد يذكر له رواية غيرها!.

أما بيكيت فلقد حصل معه الشىء نفسه، وكانت مسرحية «فى انتظار جودو» هى تقريباً العمل الأدبى الوحيد الذى يذكره له كثيرون ممن سمعوا باسمه، أو تابعوا أعماله، أو قرأوا شيئاً من سيرته الذاتية. فلا يكاد أحد يذكر اسم بيكيت إلا ويذكر «فى انتظار جودو» رغم أن أى نظرة عابرة على ما ترك وراءه تقول لك إنه ترك الكثير.

المسرحية تقوم على فكرة بسيطة للغاية، والفكرة فيها أن شخصين يظهران على المسرح ويتبادلان حديثاً بينهما فى انتظار شخص ثالث سوف يجىء، ولكنهما من أول المسرحية إلى آخرها لا يتوقفان عن الحديث ولا عن الانتظار، ثم يتبين لنا ولهما أن جودو هذا لا يجىء، وأنه فى حياتهما على خشبة المسرح أقرب ما يكون إلى الأمل فى واقع كل الناس.

إنهما يعيشان على أمل مجىء جودو طول الوقت، وكلما لمح أحدهما شخصاً مقبلاً عليهما يتصوره جودو، ثم يتبين أن تصوره ليس فى محله، وتكون النتيجة أنهما ينخرطان فى حديث جديد بينهما، ولا يكون الحديث مقصوداً فى حد ذاته، وإنما القصد من ورائه أن يُتيح مساحة زمنية يتهيأ بها الاثنان لمجلاء جودو المرتقب!.

وهكذا إلى آخر المسرحية، وسوف تكتشف إذا قرأتها أن حال الرجلين اللذين ينتظران طول العرض على المسرح هو تقريباً حال كل خلق الله.. ففى حياة كل واحد منا انتظار لشىء ما، وهذا الانتظار يمثل أملاً لصاحبه أكثر مما يمثل أى شىء آخر. وإذا تأملت الأحوال أمامك فى كل مكان هنا وهناك، فسوف تجد أن اشتهار بيكيت بهذه المسرحية وحدها كان عن حق، لأن الفكرة فيها بسيطة وعميقة معاً، ولأن انتظار جودو لا تخلو منه حياة إنسان، ويختلف جودو بطبيعة الحال من إنسان إلى إنسان، ولكن الأمل يظل قائماً فى مجيئه ولا ينقطع.

 

arabstoday

GMT 05:06 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

ضاع في الإسكندرية

GMT 05:04 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

طوفان الذهب وحيرة «السلَق»

GMT 05:02 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

الشرق الأوسط ومحنة الفقر السياسي

GMT 05:00 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

فضيلة الدمج وإعادة التأهيل

GMT 04:58 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

البرازيل في عين عاصفة ترمب

GMT 04:56 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

الرؤية لا السلاح: شرق أوسط بلا ميليشيات

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

المجاعة التى لا يعترف بها العالم

GMT 04:52 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

وعود ترامب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فكرة في حياتي وحياتك فكرة في حياتي وحياتك



ياسمين صبري تختار الفستان الأسود الصيفي بأسلوب أنثوي أنيق يبرز أناقتها وجاذبيتها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:55 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

الاونروا تحذر من حالات اغماء بسبب الجوع في غزة
 العرب اليوم - الاونروا تحذر من حالات اغماء بسبب الجوع في غزة

GMT 15:59 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

لنطرد الداعشي الصغير من دواخلنا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,21 تموز / يوليو

سرطان الطائفية !
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab