فارق الشكل لا المضمون

فارق الشكل لا المضمون

فارق الشكل لا المضمون

 العرب اليوم -

فارق الشكل لا المضمون

بقلم - سليمان جودة

عندى سؤال: هل هناك فارق بين الساسة الغربيين الذين يغضون البصر عن الإبادة الإسرائيلية فى قطاع غزة، وبين شعوبهم التى تتظاهر هناك رفضًا للإبادة نفسها؟.

بالتأكيد هناك فارق فى الشكل، لأنك لا يمكن أن تساوى بين الطلاب الغاضبين فى الجامعات الأمريكية، وبين الإدارة الأمريكية التى لا تجد أى حرج فى أن ترسل المساعدات الإنسانية إلى المنكوبين فى القطاع بإحدى يديها، ثم ترسل السلاح إلى إسرائيل باليد الأخرى لتقتل به المنكوبين أنفسهم.. لا يمكن.. فالفارق نراه ونرصده بالعين المجردة.

وما يقال عن الولايات المتحدة يقال عن عواصم أوروبا التى خرجت المظاهرات فى شوارعها وجامعاتها ترفض الإبادة وتطلب وقف الحرب، والتى لم تشهد سياسيًا واحدًا يأخذ فى المقابل موقفًا جادًا.. وأنا أقصد بالطبع الموقف العملى لا الشفوى، لأنه ما أسهل الكلام الذى يشجب ويدين.. غير أن هذا كله فارق فى الشكل لا فى المضمون.. فارق فى الظاهر لا فى الجوهر.. فارق على السطح لا فى العمق.. حتى ولو كنا طبعًا نشكر للطلاب مواقفهم الرافضة، وللرأى العام موقفه الثائر الغاضب.

الفارق يظل كذلك، لأن هذا الرأى العام هو نفسه الذى جاء بهؤلاء الساسة إلى الحكم، وهو الذى أتى بتلك الحكومات إلى مقاعدها.. هو الذى اختار هؤلاء الساسة واحدًا من وراء واحد، وهو الذى اختار تلك الحكومات حكومةً من بعد حكومة.

ولا يمكن أن يختارهم ويأتى بهم، ثم يخرج متظاهرًا ضدهم، ثم يطلب منا فى النهاية أن نصدقه وأن نقول إنه كرأى عام شىء، وأن هؤلاء الساسة وتلك الحكومات شىء آخر مختلف.. هناك مسافة بين الشيئين لا شك.. ولكنها مسافة شكلية وليست مسافة فى الأصل ولا فى الأساس.

والمؤكد أن هؤلاء الساسة الساكتين عن الحق كانوا ذات يوم طلابًا فى الجامعات، وليس من المستبعد أن يكونوا قد خرجوا مثل طلاب اليوم فى مظاهرات يرفضون الحروب فى أوقاتهم وينددون ويشجبون، فلما صاروا فى مواقع المسؤولية اختلف الأمر تمامًا كما نرى.

ثم إن علينا أن نلاحظ أن الذين يتظاهرون فى الشوارع والجامعات يطلبون وقف الحرب، لا عودة الحق لأصحابه فى فلسطين.. والمعنى أن التعاطف من جانبهم إنسانى لا سياسى.. تعاطف مع الفلسطينى فى غزة لأنه ضعيف أمام الوحش الإسرائيلى، لا لأنه صاحب حق يجب أن يعود.. وهذا فارق آخر من بين فروق الشكل عن المضمون.

arabstoday

GMT 00:44 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

القصور تكتظ بهنَّ

GMT 00:41 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

طمأنينة الحج وفسوق السياسة

GMT 00:36 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

أحلام كسرى وفلتات الوعي

GMT 00:32 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فارق الشكل لا المضمون فارق الشكل لا المضمون



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ العرب اليوم

GMT 00:32 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

GMT 12:01 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

أرسنال يعلن عن وفاة نجمه السابق كامبل

GMT 03:57 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

قصف روسي على مدينة بولتافا الأوكرانية

GMT 02:49 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

جرائم ولا عقاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab