متى يأتي السلام

متى يأتي السلام؟!

متى يأتي السلام؟!

 العرب اليوم -

متى يأتي السلام

بقلم : عبد المنعم سعيد

كان شهر يوليو (تموز) من الشهور التي تذكّر بالثورات في العالم وفي المنطقة العربية؛ ويبدو أن شهر أكتوبر (تشرين الأول) سوف يكون ذاكرة الحروب التي جاءت مع السادس منه والتي كانت فاتحة طريق طويل من صنع السلام. السابع منه كان بوابة عامين من الحرب المستعرة التي تدهش البشر، أما بالنسبة للمحللين فهي صاعقة. ولكن التاريخ الذي لا يعرف كثيراً الشهور وإنما السنوات وحقباً بأسرها، فإنه يسجل أن الحروب تنتهي يوماً وأن ما يوجد من معاناة سوف يصل إلى نهاية. الأمثلة التاريخية كثيرة، حرب المائة عام، وأخرى استمرت ثلاثين سنة، والحروب الاستعمارية في القرنين الـ18 والـ19، وما تلاها من حروب الاستقلال. الجيل الذي عاش الحرب العالمية الأولى تصور أن الحرب لن تنتهي؛ وعندما انتهت قامت الحرب العالمية الثانية، وكانت لها نهاية تراجيدية باستخدام السلاح النووي وللمرة الأولى والأخيرة في التاريخ.

انتهت الحرب الكورية وحرب فيتنام كذلك وحتى حرب أفغانستان مع الاتحاد السوفياتي مرة والولايات المتحدة مرة أخرى. النهاية في كل الأحوال لم تكن تعني تحقيق السلام، ولكن وقف القتال كان يبدأ بمرحلة من الهدوء والهدنة تكفي لالتقاط الأنفاس وتغيير الأوضاع؛ وفي أحيان تتولد علاقات وثيقة تصل إلى التحالف؛ وينطبق عليها المثل المصري الشائع الذي يقول إن «المحبة الحقيقية لا تأتي إلا بعد العداوة»! ولكنّ هناك حرباً واحدة تأبى أن ينطبق عليها القانون التاريخي في الوصول إلى نقطة النهاية والسلام، وهي الحرب العربية - الإسرائيلية، وفي أحوال أخرى الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية. انتهى القرن العشرون وبعد ما يقرب من ربع قرن في القرن الحادي والعشرين ولا تزال الحرب قائمة بعد صمود شهد تحرير كل الشعوب المستعمَرة، وبعد قيام الحرب الباردة والانتهاء منها؛ فلسطين وحدها بقيت على حالها محتلة كلياً أو جزئياً، ولكنها في كل الأحوال لا تملك زمام أمرها. ما انتهى كان بعداً من أبعاد الصراع العربي - الإسرائيلي وهو قيام السلام بين مصر وإسرائيل، والأردن وإسرائيل؛ وفي كليهما وُصف السلام بالبرودة. ولكن عندما جرى صك «السلام الإبراهيمي» بين أربع دول عربية وإسرائيل فإن الدفء لم يأتِ؛ وواحدة من الدول المتعاقدة - السودان - دخلت حرباً أهلية. ظلت الحرب الفلسطينية - الإسرائيلية قائمة علناً أو سراً، وحتى عندما أتيحت الفرصة في منتصف التسعينات لإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية الأولى التي عرفها التاريخ، فإن القمم الدولية، والمؤتمرات العالمية لم تغير من الأمر كثيراً. وباتت الحياة تعرف نوعين من الحروب: الانتفاضة الشعبية التي كانت سلمية في ثمانينات القرن الماضي؛ والانتفاضة العسكرية مع العقد الأول من القرن الجديد. أخذت حروب غزة أرقاماً حتى وصلت إلى الحرب الخامسة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقتها لم يتصور أحد أن الحرب سوف تستمر لعامين ولا تصل إلى نهاية، وحتى الهدنة فيها باتت مستعصية. ما لم يستعصِ كان إمكانية تحول الحرب الجزئية في قطاع غزة حرباً إقليمية تشمل المشرق العربي والخليج العربي والبحر الأحمر وشرق المتوسط.

الحرب الأخيرة لا تبدو لها نهاية ثنائية كانت بين الفلسطينيين واليهود؛ أو إقليمية تشمل معهما العرب والعجم والأتراك، ومن الطبيعي في هذه الحالة أن الولايات المتحدة سوف تكون حاضرة؛ وما دام الأمر كان كذلك فسوف توجد المملكة المتحدة والحلف الأطلسي. أسباب ذلك عجزت عنها عقول كثيرة، ولكن أولها ما ذكره إسحاق رابين ذات يوم بعد توقيع اتفاق أوسلو مخاطباً الإسرائيليين أنهم عندما جاءوا إلى هذه البلاد كان فيها آخرون، ناس وشعب. العقدة ظلت مستحكمة، وبات لها ترجمة يهودية عن «أرض الميعاد»؛ وترجمة إسلامية أن أرض فلسطين وقف إسلامي. لم يعرف الإسرائيليون أبداً وقد أتوا إلى الأرض المقدسة أن ما وجدوه يستدعي سلاماً حتى يستقر ويسعد الحلم اليهودي. وثانيها أن حركة التحرر الوطني الفلسطينية لم تعرف أبداً أن وظيفة الحركة هي إنشاء الدولة الفلسطينية، وأن الدول تعني مؤسسات وبناءً وهوية. وأحد قوانين الدولة أن يكون لها قيادة واحدة وليس 14 فصيلاً مسلحاً، وقيادة، قضت الحركة نصف وقتها في تحقيق الوحدة بينهم سواء في القاهرة أو الجزائر أو مكة أو أنقرة، وفي موسكو وبكين. الفصائل جميعها تحمل السلاح وتتخذ قرارات الحرب والسلام.

الآن أصبحنا على أبواب مشروع للسلام بدأ بطوفان من الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل استيفاء الشروط؛ وكما حدث في كل جولات التاريخ تحول الزخم مشروعاً للسلام وضع الأطراف كلها في اختبار كبير. في استطلاعات للرأي فشل الجمعان الإسرائيلي والفلسطيني في الاختبار؛ فالمبادرة أقل من أحلام التوسع الإسرائيلي والاستقلال الفلسطيني. قضايا الحرب والسلام تستوجب الكثير من التأمل في التاريخ.

arabstoday

GMT 11:59 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الإسلام السياسي

GMT 11:54 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

قمة مصرية إسرائيلية

GMT 11:51 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الانتخابات التى عرفناها

GMT 11:48 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

السلاح لا يخفي صوت الضحايا إلى الأبد

GMT 11:46 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

زمن الاستقطاب العميق

GMT 11:37 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد منصور ودراما سيزيف المصري

GMT 10:18 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

«يونان».. الحياة تقف على باب الموت!!

GMT 10:14 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

حلم الدكتور ربيع!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى يأتي السلام متى يأتي السلام



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا
 العرب اليوم - لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا

GMT 23:08 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تدابير الفيفا لمواجهة الحرارة في المونديال
 العرب اليوم - تدابير الفيفا لمواجهة الحرارة في المونديال

GMT 22:09 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

دوى انفجارات فى منطقة المزة بدمشق والشرطة تتحقق من طبيعتها

GMT 21:56 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

الهجوم على خالد بن الوليد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab