حوارات الطبقة الوسطى 12

حوارات الطبقة الوسطى! (1-2)

حوارات الطبقة الوسطى! (1-2)

 العرب اليوم -

حوارات الطبقة الوسطى 12

بقلم: عبد المنعم سعيد

مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة لفترة رئاسية ثانية، وتصاعد دور اليمين بدرجاته الشوفينية والدينية والتلاعبات بالديمقراطية والضغط على السلطات القضائية والدستورية؛ إذا بنهاية التاريخ التى بشر بها فرانسيس فوكوياما من خلال الفلسفة ونظم الحكم الليبرالية موضع تساؤلات كثيرة. ما جعل الليبرالية موضع تساؤل أكبر لأن نموذجها الديمقراطى لم يكن بالضرورة سبيلا إلى الرفاهية والإنجاز وباختصار توسيع الطبقة الوسطى فى المجتمع. ما ثبت أن توسع هذه الطبقة ليس مرتبطا بالسبيل الذى بشر به فوكوياما من قبل، إنه من الممكن للمجتمعات مثل الصين وكوريا الجنوبية فى عهد «بارك» وسنغافورة وباقى دول جنوب شرق آسيا أن تفرز طبقة وسطى لها من الحيوية والطموح ما يجعلها لا تتسع فقط وإنما تجذب معها ملايين من البشر من الطبقات الأقل حظا. المثال فى هذا الشأن ليس فقط الصين وإنما أيضا الهند ذات الديمقراطية الأكبر عددا فى العالم، يجذبان إلى أعلى مئات الملايين إلى مسارات الطبقة الوسطى فتصبح أكثر اتساعا وحيوية وابتكارا وإبداعا. الحقيقة التى لا تقل سطوعا أن انتخاب ترامب ونتنياهو ومن قبل هتلر قام على أكتاف الأقل حظا وتعليما وثقافة والذين هم على استعداد للنظر إلى الناحية الأخرى ساعة مخالفات شرعية كبيرة والتعصب لأيدلوجيات تبيح العنف والقتل.

وفى عدد الأول من يناير 2012 فى دورية «الشؤون الخارجية» الأمريكية نشر «فرانسيس فوكوياما» مقالا بعنوان «مستقبل التاريخ» فى دورية «الشؤون الخارجية» أشار فيها إلى حداثة مفهوم «الطبقة الوسطي» الذى لا يزيد على 300 عام بعد الثورة الفرنسية. ما طرحه الرجل أن «العولمة» أدت إلى تآكل هذه الطبقة ومعها النظرية الليبرالية بفعل تصاعد «الشعبوية» التى تجذب الطبقات الأدنى والأقل ثقافة. الطبقة الوسطى هى فئة اجتماعية اقتصادية تقع فى منتصف الهرم الاجتماعى بين الطبقة العاملة والطبقة العليا، بين من هم على القمة ومن هم فى السفح، وتتميز بمستوى دخل وتعليم ومكانة اجتماعية متوسطة وقدر من الملكية. معيار التقدم يصبح هنا ليس مرتبطا بمدى الحريات الليبرالية التى يحصل عليها الناس، وإنما مدى اتساع وعمق الطبقة الوسطى وقدرتها على العمل والإبداع. فى هذا الموضوع سبق لى نشر مقال فى صحيفة الأهرام المسائى فى الأول من أكتوبر 2009 «حوار مع الأستاذ صلاح منتصر» عن الحالة المصرية؛ حول ما إذا كانت الطبقة الوسطى المصرية تنمو أو تضمحل، والثانى عما إذا كانت هذه الطبقة حاليا أفضل حالا من الناحية الفكرية عن حالها فى أزمنة سابقة؟.

وبالنسبة للسؤال الأول فإنه لم يوجد خلاف بينى وبين الأستاذ صلاح منتصر، فكلانا يعتقد بأنه وفق كل المؤشرات الاقتصادية المعروفة فإن حجم الطبقة الوسطى المصرية يتسع ولا ينكمش، ولكن الأستاذ طرح أن المؤشرات الاقتصادية وحدها لا تكفى للتعرف على الطبقة الوسطى حيث إن ما لا يقل أهمية المؤشرات الثقافية. كانت وجهة نظره أن الطبقة الوسطى فى الأزمنة السابقة كانت أكثر إحساسا بالقضايا الوطنية، وأكثر انتماء والتصاقا بالوطن، وأكثر اقترابا من الثقافة الرفيعة وقيم الجمال، وبعدا عن القيم الاستهلاكية وما هو رخيص وسقيم وسوقى فى الفن والمعرفة. كنت متفقا مع الأستاذ فى أن مفهوم «الطبقة الوسطى» يقوم أيضا على محتوى، ولكن بعد ذلك نختلف فى كل شىء آخر. فمن ناحية فإن الحديث عن «الطبقة الوسطى» فى مصر فى الماضى هو من قبيل المجاز أكثر منه من قبيل الحقيقة حيث بلغت نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة فى عام1960 ممن هم فى سن التعليم 25٪ من عدد السكان فقط البالغين قرابة 25 مليون نسمة. وإذا أضفنا إلى ذلك المؤشرات الاقتصادية فإن هذا الربع من عدد السكان سوف ينتهى إلى شريحة صغيرة من السكان يتكونون من جماعة «الأفندية» وموظفى الحكومة. الأمر الآن -2009- اختلف من حيث الحجم، وإذا أخذنا الأمر من حيث نسبة المتعلمين فى سن التعليم أكثر من 72٪، وأضفنا إليه مؤشرات اقتصادية أخرى فإن حجم الطبقة الوسطى المصرية يرتفع إلى قرابة 60٪ أو 48 مليون نسمة ومن ثم سوف يصدق عليها التشريح إلى شرائح متعددة تختلف حسب المستوى الاقتصادى والثقافى. والآن فى 2025 فإن نسبة المتعلمين تصل إلى 84٪ أو 83.4 مليون مصرى.

ومن ناحية أخرى فإن الطبقة الوسطى المصرية الأولى والتى تكونت فى أعقاب ثورة 1919، وما أضيف لها من جماعات البيروقراطية المدنية والعسكرية بعد ثورة 1952، عاشت كلها فى ظل احتلال مصر من قبل بريطانيا، ثم بعد ذلك مواجهة الاحتلال الإسرائيلى لسيناء مرتين. وكان من الطبيعى أن تكون للقضية الوطنية حدة خاصة لدى الطبقة الوسطى المصرية، وكل الطبقات المصرية؛ أما وقد انتهى الاحتلال الأجنبى للأرض المصرية، وأصبحت مصر حرة، فإن علاقاتها بالخارج أصبحت جزءا من سياستها الخارجية، وسياستها الخاصة بحماية الأمن القومى المصرى حربا أو سلاما.

بقية الحوار الأسبوع القادم.

 

arabstoday

GMT 07:37 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أهميَّة لقاءِ الأمير والرئيس

GMT 07:35 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلاف لا محاور

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وأميركا... الصداقة وليس المال فقط

GMT 07:32 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

من يطمئن الجنوبيين ومن يحمي لبنان؟

GMT 07:30 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مستقبل قواعد البيانات للذكاء الاصطناعي

GMT 07:29 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... إفلاس سياسي وليس اقتصادياً

GMT 07:27 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض إلى واشنطن... شريك لا يمكن تجاهله

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات في مواجهة المشروع الأمريكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوارات الطبقة الوسطى 12 حوارات الطبقة الوسطى 12



منى زكي تتألق بإطلالات ساحرة على السجادة الحمراء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:37 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ألوان طلاء تجعل المساحات تبدو أعلى
 العرب اليوم - ألوان طلاء تجعل المساحات تبدو أعلى

GMT 18:06 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بي بي سي تؤكد عدم وجود أساس قانوني لدعوى ترامب
 العرب اليوم - بي بي سي تؤكد عدم وجود أساس قانوني لدعوى ترامب

GMT 05:52 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يفتتح CAIRO'S XR ضمن مهرجان القاهرة السينمائي
 العرب اليوم - حسين فهمي يفتتح CAIRO'S XR ضمن مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 00:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تغرم غوغل 665 مليون دولار بسبب الاحتكار

GMT 07:52 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أضيفي لمسة القفازات لإطلالاتك على خطى النجمة درة

GMT 09:58 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يبدأ تطبيق نظام الحجز المسبق للزوار

GMT 06:31 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سلسلة مؤهلات

GMT 16:24 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

البابا يحث قادة العالم على الاستماع إلى صرخة الفقراء

GMT 08:33 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أناقة المطبخ بين الأبيض والخشب في التصاميم العصرية

GMT 04:41 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 12 وإصابة 10 في حادث حافلة بالإكوادور

GMT 06:32 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة مفاجئة لاعب أوكراني سابق بعد مباراة خيرية

GMT 23:42 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل في الجزائر بعد أداء طلاب طب القسم بالفرنسية

GMT 17:38 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 32 عاملا في انهيار منجم كوبالت بجنوب الكونغو

GMT 05:07 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إلغاء عشرات الرحلات الجوية بعد ثوران بركان في اليابان

GMT 10:32 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يكشف سرّاً عن علاقته بشيرين عبد الوهاب

GMT 05:01 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قتلى وجرحى في إطلاق نار بولاية نيوجيرسي

GMT 05:34 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مظاهرة حاشدة في بروكسل تطالب بحصار عسكري شامل على إسرائيل

GMT 05:03 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تستهدف مناطق شرقي خان يونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab