ثمانون عامًا على الأمم المتحدة

ثمانون عامًا على الأمم المتحدة

ثمانون عامًا على الأمم المتحدة

 العرب اليوم -

ثمانون عامًا على الأمم المتحدة

بقلم: عبد المنعم سعيد

كان الفيلسوف البريطانى «توماس هوبز» (مارس 1588) هو الذى أخذ الفكر السياسى إلى عالمنا من الفلسفة السياسية التى سادت فى العصور الإغريقية حيث كان لأفكار أفلاطون وأرسطو وتوابعهم اليد العليا فى التفكير والتنظير عامة. أخذ الرجل «السياسة» إلى قواعدها الأولية فى الحياة «الطبيعية» للإنسان حيث سيطرت الفوضى وسطوة القوى وسيطرة الغنى. من هنا وضع نظريته فى كتابه «اللفياثان» أو «التنين» على شكل الدولة أو الوحدة السياسية التى تتمكن من إدارة جمعية من خلال عقد اجتماعى مع من يقود إدارتها. كان الفكر فى القرنين السادس والسابع عشر يقظة على أوروبا التى سيطرت عليها الحروب الدينية، ومنافسات المُلك، والطاعون، ويدفع فى اتجاه السيطرة على منطق حاكم لإدارة الدولة. ولكن «هوبز» بعد تنظيمه للوحدة السياسية فى شكل الدولة فإن حكمه على العلاقات بين الدول ظل فى إطار الحياة الطبيعية للإنسان. تُرِكَ ذلك للقرون التالية التى أتت بمجمع للأفكار الليبرالية التى جاء بها أمثال جون لوك ومونتسكيو وجون ستيوارت ميل؛ والاشتراكية التى تزعمها كارل ماركس وإنجلز وتوابعهم من المدارس الاشتراكية والاشتراكية الديمقراطية. هذه المذاهب جميعها أخرجت الدولة وعالم الدول من الفكرة الثيوقراطية إلى النظرية العلمانية التى أقرت إدارة العلاقات السياسية فى داخل الوحدة السياسية وخارجها من خلال القانون والدساتير المنظمة والمحققة للمصالح البشرية. الثورة الفرنسية والحروب النابليونية والاستعمارية قدمت لوجود الدولة الوطنية لكى يسود السلام فيها ومعها «القانون الدولى» الذى ينظم علاقات الحرب والسلام والمصالح المشتركة فى البحار والأنهار ومؤخرا فى السماوات والفضاء.

مع التقدم الإنسانى عامة تكنولوجيا وسياسيا واقتصاديا داعبت فكرة «الحكومة العالمية» الخيال الإنسانى؛ ولكن الحرب العالمية الأولى ونتائجها المروعة فى القتل والتدمير قدمت لفكرة متواضعة أن يكون هناك منظمة «دولية» تقدم للاعتراف بحقيقة الدولة وتنظيم تبادل مصالحها فكانت «عصبة الأمم» (1919 - 1946) التى وإن وضعت الأساس لفكرة التنظيم الدولى، فإنها كانت من التهافت والضعف القانونى والسياسى بحيث لا تمنع نشوب الحرب العالمية الثانية.

المؤكد أن العصبة لم تكن سببا فى نشوب الحرب؛ ولكن آلياتها لم تستوعب التغيرات الجذرية التى أفرزت توازنات دولية جديدة، أهمها بروز الولايات المتحدة الأمريكية التى لم تدخل العصبة؛ والاتحاد السوفيتى الذى لم ينضم إلى العصبة إلا فى عام 1934 وطرد منها بعد غزو فنلندا فى 1939؛ ونتيجة معاهدة فرساى للسلام التى قامت عليها العصبة قادت إلى هيمنة الفلسفة النازية على ألمانيا فكانت الحرب الثانية (1939 - 1945) التى كانت من القسوة والدمار الذى استخدم القنابل الذرية على هيروشيما وناجازاكى وهو ما جعل الفكر الدولى أكثر طموحا فى إنشاء الأمم المتحدة.

الطموح كان كبيرا من أجل أولا استيعاب الدول العظمى من خلال مجلس الأمن الذى يعطيها سلطة «الفيتو» على القرارات المصيرية باعتبارهم المنتصرين فى الحرب؛ لأنهم الأكثر تقدما اقتصاديا وعسكريا. وثانيا أنه أتى وقت تحرير المستعمرات التى يؤدى التنافس حولها إلى الحرب؛ كما أنه حق إنسانى للشعوب المستعمرة. الطموح بلغ بالمنظمة إلى السعى نحو تنظيم الاقتصاد الدولى من خلال معاهدات لتحقيق السيولة المالية، والتعامل مع الإجراءات الحمائية للدولة؛ وتنظيم الثقافة العالمية على أساس أن الحرب تبزغ أولا فى العقل الإنسانى فكانت اليونيسكو. عبر السنين توسعت المنظمة إلى مجالات الزراعة والغذاء وتنظيم التجارة وحركة الطائرات فى الأجواء والسفن فى البحر والرى فى الأنهار. ومؤخرا، ومع العولمة دخلت الأمم المتحدة إلى مجال البيئة وما تتعرض له من احتباس حرارى؛ وحقوق الإنسان السياسية والطبيعية، ومناهضة الإبادة الجماعية والتطهير العرقى.

ثمانون عاما بعد قيام الأمم المتحدة تحققت فيها أعظم إنجازاتها وهى أنه لم تنشأ حرب عالمية ثالثة بعد، وبالتأكيد فإن العالم بات أفضل حالا وأكثر تعاونا مما كان عليه، فقد ارتفع عدد البشر حتى وصل إلى 8 مليارات نسمة، وتخرج أكثر من مليار من الفقر إلى الستر، وجرى التحكم فى الأوبئة العالمية وآخرها كان «كوفيد- 19». المنظمة رفعت الوعى العالمى نحو التعامل المشترك مع كوكب الأرض والاحتباس الحرارى ومقاومة المجاعات بعد تحرير البلدان المستعمرة. ولكن العالم لم يكن خاليا من الحروب التى بدأت بعد الحرب العالمية مباشرة مثل الحرب الكورية، والحروب الأهلية فى الصين واليونان وغيرها. ولكن فى ثمانين عاما تعرضت البشرية لحروب طويلة منها الحروب العربية الإسرائيلية حتى حرب غزة الخامسة وحرب فيتنام مع الولايات المتحدة وأفغانستان مع الاتحاد السوفيتى ثم مع الولايات المتحدة، وحروب الخليج العربى (الفارسى) المتوالية وغيرها. وفى العموم فإن تأثير الأمم المتحدة مع توسعه على مجالات كثيرة جرى فيها توثيق علاقات الجنس البشرى والأمم المتنوعة ببعضها البعض؛ فإنها خلقت انطباعا زائفا بوجود حكومة عالمية.

هذا الانطباع ساهم فى تحفيز صعود اليمين العالمى فى الدول العظمى والكبرى الذى وجد العالم يقوم بتنظيمه مجموعة من البيروقراطية الدولية والتكنوقراط العالميين غير المنتخبين. الصعود الكبير الذى حققه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رفع أعلاما معاكسة للعولمة فارضا الدعوة لمراجعة حالة الأمم المتحدة متحالفا فى ذلك مع ثيوقراطيات عالمية يهودية ومسيحية وإسلامية تدعو إلى عوالم دينية أخرى.

 

arabstoday

GMT 12:12 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإخوان وكتلة الإصلاح.. خطاب المتناقضات !

GMT 12:11 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

موازنة تقليدية وخطابات إعلامية

GMT 12:06 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

اللّبنانيّون يرفضون الانتحار… مع “الحزب”!

GMT 12:05 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

2025... سنة مغربيّة بامتياز

GMT 12:00 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

خطأ احترافى كبير من محمد صلاح

GMT 11:55 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

هذا فعلًا محمد صلاح

GMT 11:48 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

صحافة الابتزاز

GMT 11:45 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

صعوبة استقبال الجديد في سوريا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمانون عامًا على الأمم المتحدة ثمانون عامًا على الأمم المتحدة



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 18:46 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يُطلق مرحلة جديدة من العقوبات ضد فنزويلا
 العرب اليوم - ترامب يُطلق مرحلة جديدة من العقوبات ضد فنزويلا

GMT 03:28 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

واشنطن تخطط لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام المقبل
 العرب اليوم - واشنطن تخطط لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام المقبل

GMT 08:50 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين عبد العزيز تتصدر التريند بعد حلقة منى الشاذلي
 العرب اليوم - ياسمين عبد العزيز تتصدر التريند بعد حلقة منى الشاذلي

GMT 19:37 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ماريا كورينا ماتشادو تؤكد رحيل مادورو بالتفاوض أو بدونه
 العرب اليوم - ماريا كورينا ماتشادو تؤكد رحيل مادورو بالتفاوض أو بدونه

GMT 19:31 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يتأهل لنصف نهائي كأس العرب بعد فوزه على سوريا

GMT 22:13 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

صلاحيات الرئيس بـ«العبري» الفصيح

GMT 09:53 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتلقى عرضًا سعوديًا بـ 6 أضعاف راتبه مع ليفربول

GMT 07:17 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء عشرات الآلاف جراء سيول تجتاح شمال غرب أميركا

GMT 07:21 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

وفاة 7 فلسطينيين بغزة جراء انهيارات بسبب المنخفض الجوي

GMT 22:30 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

GMT 22:15 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

GMT 18:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 09:01 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

سلسلة غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة جنوب وشرق لبنان

GMT 09:10 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

سلاح الجو الإسرائيلي يبدأ بقصف أهداف لحزب الله في لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab