قمة البحر الميّت وسذاجة حضور الأسد

قمة البحر الميّت وسذاجة حضور الأسد

قمة البحر الميّت وسذاجة حضور الأسد

 العرب اليوم -

قمة البحر الميّت وسذاجة حضور الأسد

بقلم : أسامة الرنتيسي

سذاجةٌ سياسيّةٌ مِن نوعٍ نادرٍ اخترعها تقريرٌ إسرائيلي، نشره موقع “ديبكا” المُقرّب مِن أجهزة الاستخبارات في تل أبيب بتاريخ الأول من مارس، تَطرّق فيه إلى ما وصفها بالترتيبات النّهائية لإعادة سورية إلى الجامعة العربية، فبلعت الطُّعم فضائية إيرانية قامت من فورها بترويجها، وتسابقت صحف ومواقع عربية لترديدها معزوفة تحت عنوان “جهود روسية مصرية أردنية لتحقيق مصالحة عربية شاملة مع بشار الأسد ومشاركته  في القمة العربية  في الأردن”.

 لم تَعُد القمم العربية تستهوي أحدًا، لانعدام ما ينتظره الانسان العربي منها، وما يتابعه المراقب، ويسجله الصحافي.

 لكن يبقى الوجع السوري وغياب الدولة السورية هما الأكثر جاذبية في القمم العربية، بعد أن غابت نهفات القذافي.

في السنوات الماضية حَضرْتُ أبرز قمتين عربيتين في الكويت وشرم الشيخ، بعد قمة الدوحة التي لعبت على وتر القضية السورية، كما رغبت القيادة القَطَرِيّة، حيث غُيّبت الدولة وأُحضرت المعارضة.

كل شىء في القمم العربية يُدمي القلب، لكن أن تختفي دولة من وزن سورية، في قلبها حضارة تتجاوز آلاف الأعوام، وعمق تاريخي لا يتوافران لأية دولة غيرها، فهذا دمار ما بعده دمار ولا قبله.

أتذكر جيّدًا تلك اللحظة – في الكويت – التي سَمح فيها القائمون على اجتماعات القمة لمصوّري الفضائيات وأجهزة التلفزة العربية بالدخول لالتقاط صور الاجتماعات لدقائق معدودات، إذ انتبه أكثر المصورين  فطنة إلى مقعد خال فتراكضوا نحوه لالتقاط صور علم الدولة السورية التي غابت تمثيلًا وحضورًا ومشاركةً عن أعمال القمة بعد قرار تجميد عضويتها.

في قمة شرم الشيخ طُويت إضبارة التمثيل السوري، مثلما وقع في قمة الكويت التي سُمح فيها لمندوب المعارضة بالقاء كلمة ثم الخروج من القاعة بعد ذلك، على عكس ما حصل في قمة الدوحة التي أصرّت على أن تُمثّل المعارضة السورية دولتها.

مشهد المقعد السوري خاليًا في القمم العربية، يفتح الآفاق إزاء الأزمة السورية التي انطلقت في مثل هذا الشهر 15 مارس 2011، ليكتشف المرء أن ليست طلقات البنادق أو قذائف المدافع والطائرات أو انفجارات القنابل التي تقتل الشعب السوري الذي ثار بعد أحداث درعا، بل هناك عوامل أخرى مشاركة في قتل الناس، في مقدمها المواقف الدولية والاقليمية المتأمرة، والصمت العربي المريب، وتشتت المعارضات السورية، واختلافها على كل شيء، وظهور عصابات الارهاب والاجرام.

على الأرض السورية يتصارع العالم، كل حسب  مصالحه وميوله وتحالفاته، وتُخاض الحروب على حساب حضارتها ودماء شعبها واستقراره في وطنه، لهذا تبقى بيضة القبّان التي يقع على كاهل السوريين واجب إنقاذ ما يمكن انقاذه في سورية، لتخليص شعبهم من المحنة التي وُضع فيها، مهما كانت الأثمان.

فما قدمه الشعب من تضحيات في الداخل خلال الفترة الماضية يفوق ما قدمته قيادات المعارضة منذ أن نبتت في أفواه كبار أبنائها الأسنان، ولا يحق لأحد مهما علا شأنه أن يركب موجة الثورة ويدّعي الإخلاص لها، وهو خارج سورية منذ سنوات، ثم يجلس في مؤتمر هنا أو هناك ليخيط على  هواه أكفان الشهداء الذين سقطوا ويسقطون على أرض الشام.

القمة العربية المرتقبة في أخفض بقعة في العالم، البحر الميت، تتوافق مع الأوضاع العربية التي تسير من سيّء الى أسوأ، ومن تمزيق إلى تفتيت إلى اقتتال، إلى دماء ملأت الأرض العربية، ومن صراعات لا يُفهم معظمها، إلى تحالفات ومحاور، وصراعات مذهبية وطائفية وعِرْقية، وهذا اسوأ ما حدث في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، ولا يقارن  السّوء إلّا بسوء أكبر منه، يتَمثّل في ظهور عصابات الإرهاب والإجرام  أحفاد القاعدة في داعش والنصرة ومن يشابههم.

لا تنتظروا من القمة شيئًا سوى شرف نجاح التنظيم، أمّا البيان الختامي فهو جاهز منذ الأن في مكتب أحمد أبو الغيط.

arabstoday

GMT 00:30 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تحشيش سياسي ..!

GMT 00:20 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

لاءات الفراية.. كأنها “دبلوماسية زيادة”!

GMT 00:18 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

“بلطجة” في نقابة المحامين..الحل بالقانون!

GMT 14:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 23:31 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة البحر الميّت وسذاجة حضور الأسد قمة البحر الميّت وسذاجة حضور الأسد



إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:27 2024 الأحد ,26 أيار / مايو

هجوم بـ"سكين" يصيب 3 أشخاص في مترو بفرنسا

GMT 05:29 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

مصرع 15 شخصا في أميركا بسبب أعاصير تكساس

GMT 00:03 2024 الإثنين ,27 أيار / مايو

سقوف حوار افتراضي مع «حزب الله»
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab