الرياض و«الامتناع الإيجابي»
أخر الأخبار

الرياض و«الامتناع الإيجابي»

الرياض و«الامتناع الإيجابي»

 العرب اليوم -

الرياض و«الامتناع الإيجابي»

بقلم : مصطفى فحص

في اللغة، تُفسَّر كلمة «ممانعة» بأنها رفض أو مقاومة أو عدم قبول شيء ما، فهي تدل على وجود عقبة أو حاجز يمنع حدوثه أو يحول دون تحقيقه. وفي العقود الأخيرة، تبنّت دول وجماعات عقائدية مسلّحة عابرة للأوطان هذا المصطلح بكل تفاسيره، واستخدمته ذريعة أو وسيلة من أجل تحقيق أهدافها ونفوذها، بعيداً عن جوهر القضية التي رفعتها.

رفعت جماعة هذا المحور ظاهرياً شعار ممانعة المشروع «الصهيو-أميركي» وفقاً لمصطلحاتهم، وتبنّوا تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، لكن سياساتهم أدّت في النهاية إلى خراب أربع دول عربية، وإلى مواجهة غير متكافئة تسببت في مقتلة كبرى.

أزمة ما يُسمّى «محور الممانعة» تكمن في إنكاره العميق للواقع؛ فهو لم يقرأ في كتب من سبقوه ممن كانوا أكثر صدقاً في أهدافهم، ورفض أن يتعلّم الدرس الاستراتيجي من حرب 1973، حين ظهر الانحياز الأميركي الكامل والصريح إلى جانب تل أبيب في وجه الجيش المصري، انحيازٌ حدّد موازين القوى وفرضها حتى على حلفاء القاهرة حينها، أي الاتحاد السوفياتي، الأمر الذي وضع حدّاً لكل الطموحات العسكرية في الصراع مع الكيان الإسرائيلي.

ثم ادّعى المحور أنه قادر على تجاوز نتائج حرب لبنان 1982، التي قضت على فرص العمل الفدائي الفلسطيني من الخارج إلى الداخل، بعد خروج منظمة التحرير من لبنان. أما نتيجة ادعاءاته، فكانت أن حرب الإسناد مزّقت معادلة وحدة الساحات، والقدرة على نقل المواجهة إلى الداخل الفلسطيني عبر الحدود اللبنانية والسورية.

بعد عام 1973، اختارت مصر عملية السلام، وبعد 1982، لجأت منظمة التحرير إلى خيار الانتفاضة في الداخل الفلسطيني.

كان بإمكان انتفاضة الحجارة أن تحقق أكثر مما تحقق في اتفاق أوسلو، لولا مغامرة صدام حسين القبيحة في الكويت. وكان للانتفاضة الثانية أن تزيد من مكاسب الفلسطينيين، لولا تداعيات أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وكانت للتسوية السلمية أن تستمر، لولا خيار اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي قتل إسحاق رابين، ما فتح أبواب التطرّف الإسرائيلي على مصاريعها، إلى أن أصبح هذا التطرّف ممثّلاً سياسياً لدولة الكيان الآن.

في هذه المرحلة الحرجة، والحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني، نجحت الرياض في مواجهة غطرسة وعنجهية تل أبيب، حيث تمكّنت الدبلوماسية السعودية من إعادة تعويم حل الدولتين، من خلال الحشد الدولي المتزايد للاعتراف بالدولة الفلسطينية. فقد حقّق مؤتمر الأمم المتحدة، الذي قادته الرياض بمشاركة باريس بداية الأسبوع الفائت، خطوات بنّاءة على طريق الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعدّها مفتاح الحل السلمي للقضية الفلسطينية، والاستقرار في الشرق الأوسط.

دبلوماسيّاً، نجحت الرياض في إعادة تعريف الممانعة، بعدما واجهت كل الضغوط التي حاولت – أو تحاول – فرض تسوية مجتزأة على الفلسطينيين، ورفضت تحويل قضيتهم إلى ورقة تتجاذبها سياسات المصالح والنفوذ. ويُسجَّل للرياض أنها رفضت الانخراط فيما كان يُسمّى «صفقة القرن» أو في اتفاقيات سلام تتجاوز الحل الفلسطيني، وبقيت ملتزمة بشروط المبادرة العربية.

تمسّك الرياض بمرجعية المبادرة العربية للسلام، والتزامها بسياسة «الامتناع الإيجابي» – أي لا تطبيع ولا قطيعة، بل العمل على تسوية سلمية تحقق سلاماً مقبولاً فلسطينيّاً وعربيّاً – عزّزا موقفها دوليّاً، وربط السلام الشامل في المنطقة بموقفها، الذي حدّدته قيادتها بلسان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في خطابه أمام مجلس الشورى 2024، القائم على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، أي دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، عاصمتها القدس.

وعليه، فإن توصيف الممانعة هنا يختلف عن سابقاته في الأسلوب والأهداف، ويأخذ المعنى إلى تفسير منطقي متصالح مع الواقع والظروف الدولية والإقليمية، ومع الإمكانات، لتحقيق أكثر من «الممكن المعروض» أو «الحق المأخوذ»، من خلال الاعتماد على ممانعة سياسية عقلانية اخترقت الجمود الدولي، لكونها لا تعارض السلام من حيث المبدأ، بل ترى أن السلام لا يمكن تحقيقه من دون قيام دولة فلسطينية.

arabstoday

GMT 22:30 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

GMT 22:27 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والخطر على الهوية الوطنية والسياسية

GMT 22:24 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

الطرق معبّدة نحو التصنيف الأميركي لـ«الإخوان»

GMT 22:15 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

GMT 22:13 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

صلاحيات الرئيس بـ«العبري» الفصيح

GMT 21:49 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المعلّمة الجميلة!

GMT 21:45 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

العفريت الذى لا ينصرف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياض و«الامتناع الإيجابي» الرياض و«الامتناع الإيجابي»



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 01:50 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

السيسي يؤكد رفض أي مساعٍ لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
 العرب اليوم - السيسي يؤكد رفض أي مساعٍ لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه

GMT 14:36 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

صندوق النقد يحث الصين على إصلاحات هيكلية عاجلة لتعزيز النمو

GMT 08:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

محمد إمام يكشف تفاصيل مسلسله الرمضاني مع هذه النجمة

GMT 08:48 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

محمد صبحي بين انتقادات موقفه مع سائقه ودفاع جمهوره

GMT 11:46 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

زمن الاستقطاب العميق

GMT 11:48 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

السلاح لا يخفي صوت الضحايا إلى الأبد

GMT 11:59 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الإسلام السياسي

GMT 12:33 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

تمدّد الإخوان في أوروبا وتحوّلهم إلى شبكة نفوذ عابرة للحدود

GMT 12:04 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب

GMT 09:13 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ماجد المصري يكشف أسباب رفض نجله العمل معه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab