مفهومان للعمل الانتحاري

مفهومان للعمل الانتحاري

مفهومان للعمل الانتحاري

 العرب اليوم -

مفهومان للعمل الانتحاري

د. وحيد عبدالمجيد

توسعت تنظيمات العنف الدينى فى استخدام العمليات الانتحارية التى نسميها «استشهادية». وأصبحت هذه العمليات أداة رئيسية فى الهجمات التى تشنها هذه التنظيمات بأساليب عدة وأشكال متنوعة. غير أن العمليات الانتحارية ليست من اختراع هذه التنظيمات التى بدأ ظهورها تدريجياً فى سبعينيات القرن الماضى، بعد أن تبلورت فكرتا الجهاد المسلح ضد السلطات والتكفير سواء للحكام أو لآحاد الناس فى العقد السابق عليه.

فكانت تنظيمات يسارية متشددة هى الأسبق فى استخدام العمليات الانتحارية ضمن منظومة أدواتها لتحقيق التغيير سواء فى العالم عبر مواجهة الإمبريالية، أو فى بلادها عبر ما سمته نضالاً مسلحاً ضد سلطات تعبر عن المصالح البرجوازية الوطنية ذات التوجهات اليسارية إلى هذا النوع من العمليات ضد قوات الاحتلال. ورغم تشابه معظم أساليب العمليات الانتحارية وأشكالها فى ممارسات بعض تنظيمات اليسار المتشدد والذى حمل راية تغيير العالم فى الربع الثالث من القرن الماضى، وتنظيمات العنف الدينى التى تتصدر المشهد منذ أواخر سبعينياته، فما أبعدها المسافة بين مفهوم هذه العمليات هنا وهناك.

ولا يقتصر الاختلاف على الأهداف التى تتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية وتحرير العالم من الامبريالية لدى اليسار المتشدد، وتطبيق الشريعة وإقامة ما تظنه تنظيمات العنف الدينى حكماً إسلامياً أو استعادة الخلافة. فهذا اختلاف عقائدى واضح ومعروف. ولكن الأهم منه هو اختلاف فلسفة الانتحار نفسه. فالعمل الانتحارى لدى تنظيمات العنف الدينى يرتبط بفكرة الخلاص المطلق الذى يقوم على اعتقاد فى أن »التمكين للإسلام« هو السبيل إلى الخير وخلاص »المجاهد الاستشهادى« أما اليسار المتشدد فقد نظر إلى العمل الانتحارى من خلال فكرة التحرر، حيث يصبح هذا العمل سبيلاً إلى تحرير البشرية من القهر والظلم والاستغلال وطريقاً إلى حياة أفضل لن ينعم بها المنتحر الذى يضحى بحياته.

وبينما يمكن أن نعيد أصل مفهوم الانتحار لدى تنظيمات العنف الدينى إلى الدلالة الرمزية لقصص بعض الأنبياء الذين فضلوا الموت أو كانوا مستعدين له على التراجع عن رسالاتهم، نستطيع إرجاع أساس مفهوم الانتحار لدى اليسار المتشدد إلى قصة سقراط الذى كان فى امكانه أن يتفادى حكم الإعدام عندما أتاحت له المحكمة فرصة إدانة أفكاره التى حوكم بسببها. ولكنه اختار الموت وكأنه يقبل على الانتحار اعتقاداً فى أن هذا الموت سيدعم أفكاره.

 

arabstoday

GMT 06:27 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 06:25 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 06:22 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«أوبك» تستشرف مستقبل النفط حتى عام 2050

GMT 06:20 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

GMT 06:18 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل والغضب العالمي

GMT 06:16 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

المسكّنات وحدها لا تكفي

GMT 06:13 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

تسليعُ المهاجرين

GMT 06:11 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفهومان للعمل الانتحاري مفهومان للعمل الانتحاري



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:17 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab