شجاعة النقد الذاتى

شجاعة النقد الذاتى

شجاعة النقد الذاتى

 العرب اليوم -

شجاعة النقد الذاتى

د. وحيد عبدالمجيد

 من الصعب أن تكون مثقفاً إذا لم تمتلك شجاعة النقد الذاتي. هكذا كان يُقال في عصر النهضة. ولكن ما تلا ذلك العصر أظهر أن شجاعة النقد الذاتي ضرورة من ضرورات الوجود الإنساني نفسه. فمن الصعب أن تكون إنساناً بالمعني الدقيق لهذه الكلمة، إلا إذا امتلكت القدرة علي أن تنقد نفسك وتعترف بخطئك. ولا يكفي أن تدرك هذا الخطأ، ولا حتي أن تسعي إلي تصحيحه في صمت. فالاعتراف بالخطأ فضيلة في حد ذاته. ولكن قيمته العملية لا تقل عن السعي إلي تصحيحه.

وتكمن القيمة العظيمة للاعتراف بخطأ في تنبيه آخرين إلي هذا الخطأ، وإطلاع الرأي العام علي الحقيقة. ومن أهم ما يترتب علي ذلك تنبيه المجتمع إلي الخطأ الذي يعترف أحدنا به، فيكتسب مناعة تدريجية في مواجهة مثله، أو يمتلك قدرة علي التصدي له إذا كان جسيماً ومؤثراً في المشهد العام.

وهذا يفسر لماذا يحظي كشف الحقيقة بأهمية قصوي في أي عملية للعدالة الانتقالية. وكان الصحفي اليساري والمثقف الفرنسي جان لاكونير الذي رحل عن عالمنا قبل أيام أحد أبرز النماذج في مجال شجاعة النقد الذاتي. وقف لاكونير في صف حركات النضال من أجل الاستقلال الوطني في مرحلة الاستعمار. وأسهمت مهارته المهنية الفائقة في دعم هذا النضال بأكثر مما فعل معظم مثقفي البلاد الخاضعة للاستعمار، وكان هذا دليلا علي أن ارتفاع المستوي المهني في معالجة قضايا كبري يزيد قيمة الموقف الذي تنطوي عليه هذه المعالجة.

كان لاكوتير نموذجاً في مجال النقد الذاتي الذي مارسه بيسر مدهش، لم يتردد مثلا في الاعتراف بأخطاء وقع فيها نتيجة حماسه المفرط لمقاومي الاستعمار الذين تحول كثير منهم إلي طغاة،واصلوا ما فعله هذا الاستعمار في قهر شعوبهم بطريقة أخري.

وعندما أدرك مدي فداحة تغاضيه عن طغيان حكومة هانوي التي خاضت حرباً تحررية ضد الولايات المتحدة في جنوب فيتنام، اعترف بأنه أخطأ واعتذر فنبَّه آخرين إلي أن مواجهة الأخطار التي تهدد الأوطان لا تبرر القمع والقهر.

وكذلك فعل عندما صدمه سلوك الخمير الحُمر الذين ساند نضالهم ضد الهيمنة الأمريكية علي كمبوديا، وشعر بالعار عندما اطلع علي حجم القمع الذي مارسوه ضد شعبهم.

وكان شجاعاً في كل ذلك، وغيره، وملهماً في الاعتذار عما اعتبره خطيئة لخصها فيما معناه أنه آمن بأن النضال من أجل الوطن قضية عادلة، وأرجأ النظر في ممارسات المناضلين في سبيله، فانزلق إلي الخطيئة بسذاجة قال انه لا يغفرها لنفسه.

 

arabstoday

GMT 08:00 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ممداني... و«سنونو» نيويورك!

GMT 07:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

نيويورك بين أسوار الليبرالية والاشتراكية

GMT 07:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

من نيويورك إلى غزّة

GMT 07:47 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرح ليس حدثاً

GMT 07:46 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تلك الصورة في البيت الأبيض

GMT 07:44 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

GMT 07:43 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: المفاوضات وأزمة السيادة المنقوصة

GMT 07:41 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

طيور المحبة بين الرياض والقاهرة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجاعة النقد الذاتى شجاعة النقد الذاتى



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - السعودية اليوم

GMT 17:52 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
 العرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:53 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
 العرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 07:18 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان .. وأمن مصر القومى !

GMT 01:07 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 16:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

اليابان تحذر من تسونامي يهدد مقاطعة إيواتي الشمالية

GMT 15:46 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab