بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
إذا كان سليم وبشارة تقلا أسسَّا «الأهرام» كصحيفة يومية قبل قرن ونصف القرن فقد وضع محمد حسنين هيكل قبل أكثر من ستة عقود الأساس لتحويلها إلى مؤسسة صحفية صارت هى الأكبر فى العالم العربي. ولهذا التحول قصة طويلة بدأت مع تولى هيكل رئاسة تحرير «الأهرام» عام 1957، وانتقاله إليها من دار «أخبار اليوم» حيث كان رئيسًا لتحرير مجلة «آخر ساعة».
وقد روى هيكل تفاصيل قصة انتقاله من «الأخبار» إلى «الأهرام». كانت بداية القصة فى جنيف حيث كان يغطى مؤتمرًا فى يونيو 1955. وقابل خلال وجوده هناك على الشمسى السياسى القديم وصديق عائلة تقلا وعضو مجلس إدارة «الأهرام» فى ذلك الوقت. وعرض عليه الشمسى الانضمام إلى «الأهرام» رئيسًا لتحريرها. كان العرض مفاجئًا لهيكل فاعتذر عن عدم قبوله. ومع ذلك كرر الشمسى المحاولة معه فى القاهرة بعد عام، ولكنها كانت ناجحة تلك المرة. فقد وافق هيكل ووقع عقدًا مبدئيًا لرئاسة تحرير «الأهرام» فى يونيو 1956.
ولكن تنفيذ هذا العقد استغرق عامًا كاملاً. فقد تمسك أصحاب دار «أخبار اليوم» بهيكل الذى وجد صعوبة فى إقناعهم، وكان هو حريصًا فى الوقت نفسه على أن يترك الدار التى صنع اسمه فيها بطريقة ودية. كما أنه كان فى حاجة إلى دراسة موقف «الأهرام» التى مرت حينها بأصعب وضع مالى فى تاريخها. فقد بلغت خسائرها بين 1946 و1956 قرابة المليون ونصف المليون جنيه، وكان أصحابها يفكرون فى بيعها قبل أن ينصحهم الشمسى بالتعاقد مع هيكل كمحاولة أخيرة لإنقاذها. ووصل الأمر إلى حد عرضها للبيع فعلاً، وكادت تُباع إلى مؤسسة صحفية أخري.
لكن أصحاب تلك المؤسسة استكثروا المبلغ الذى طلبه أصحاب «الأهرام» وهو ثمانمائة ألف جنيه. وكان هذا مبلغًا باهظًا للغاية قبل 70 عامًا. ولكن التعاقد مع هيكل أنهى بالطبع فكرة البيع. وكان أن عبرت «الأهرام» بقيادته الأزمة خلال بضع سنوات استنادًا على رؤية واضحة وعمل شاق بدأ منذ اليوم الأول له فيها، وهو ما نبقى معه غدًا.