بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
أُنشئ مركز دراسات الوحدة العربية فى وقت كان حلم هذه الوحدة ما برح مستمرًا. جدَّده التضامن العربى فى حرب 1973 التى بدأ المركز عمله بعدها بأقل من عامين. كانت بدايةً قويةً، فلم تمض شهور حتى جذب عشرات المثقفين والباحثين العرب للعمل والتعاون معه. لم يؤثر الإيمان بالفكرة العربية فى موضوعية أبحاثه وطريقة عمله ومنهجيتها. فلم يقبل دراسةً إلا بعد تحكيم موضوعى وفق الأسس المعتمدة فى البحث العلمي. وازداد الإقبال على كتبه ذات الغلاف المميز الذى تختلف ألوانه، ولكن لا يتغير تصميمه. وأسهمت مجلته «المستقبل العربي», ولاتزال، فى إضاءة كثير من جوانب أوضاع العرب وحياتهم.
ورغم انحسار الحلم الذى رافق تأسيسه، واصل عمله مستمسكًا بالثوابت التى أُقيم على أساسها، ومُراجعًا لما يتقادم منها، ومجددًا فيها لمواكبة المتغيرات. وواصل أداء دوره فى ظل معادلة أخذ التغير فيها يفوق الاستمرار، ولكن دون أن يتغير أو يُغير جلده. طرح مشروعًا نهضويًا عربيًا طموحًا مستمدًا من كتابات نشرها ونقاشات أُجريت فى ندوات نظَّمها. وقام بعملية انتقال سلس من فكرة الوحدة بمعناها التفليدى الضيق إلى فكرة العروبة بأفقها الواسع الذى لا حدود له ولا غنى عنه فى أى نهضة فى العالم العربي.
ومازال عليه، وهو يستعد لدخول الخمسينية الثانية من عمره، أن يواصل عمله فى إطار معادلة التغير والاستمرار مع الحفاظ على الثوابت الأساسية, وفى ظل أزمة مالية خانقة تقيد حركته. وعلى سبيل المثال بات المشروع النهضوى اليوم أبعد بكثير مما كان عند طرحه ودراسته. ومع ذلك يمكن تطويره مع الحفاظ على فكرته الاساسية باتجاه دراسة ما يمكن عمله لتحقيق مشاريع نهضوية فى بعض البلدان العربية، وبحث أفق التفاعل بينها عندما تتوافر ظروف موضوعية ملائمة.
واستمرارًا لاهتمام المركز بالدراسات المستقبلية التى نشر عددًا منها، بات عليه أن يبحث فى مستقبل العالم العربى فى ضوء النتائج المترتبة على حرب الإبادة الإسرائيلية – الأمريكية ضد القوى الحية فيه. وإذ يحدونا اليوم أمل فى استمرار دور المركز, فلابد أن نستذكر مؤسسه الراحل الكبير خير الدين حسيب صانع هذا الدور.