العقل  والعمل

العقل .. والعمل

العقل .. والعمل

 العرب اليوم -

العقل  والعمل

د. وحيد عبدالمجيد

انتهى بسرعة الخلاف الذى ظهر فى بداية عصر الفلسفة الإغريقية حول العلاقة بين العقل واليد، ومن ثم بين العمل الذهنى واليدوى. كان هذا خلافاً بين أناكسا جوراس مُعَّلم بركليس الأكثر شهرة منه، وأرسطو. فقد رأى الأول فى القرن الخامس قبل الميلاد أن للإنسان عقلاً لأن له يداً. واختلف أرسطو فى القرن التالى مع هذا التقدير، ورأى أن العقل أسبق من اليد (للإنسان يد لأن له عقلاً). وعلى مدى قرون طويلة، انحاز الفلاسفة إلى رأى أرسطو، على أساس أنه لولا العقل لما استطاع الإنسان أن يستخدم يده، ويُدَّبر حاجاته الأساسية بطريقة مختلفة عما فعله الحيوان.

وظلت هذه الفكرة مستقرة إلى أن دحضها فلاسفة ماديون فى القرن التاسع عشر، وفى مقدمتهم فردريك إنجلز الذى رأى أن العمل كان هو العامل الحاسم الذى أدى إلى استخدام العقل وتطوره.

ومضت عقود قليلة فقط قبل أن يثبت ذلك علمياً مع تطور علم الانثربولوجى. فقد أثبت هذا العلم الجديد أن الإنسان البدائى ظهر فى سهول افريقيا التى كانت غابات قبل 3 ملايين سنة، وكان له دماغ صغير لا يزيد على حجم أدمغة الحيوانات الثديية العليا.

ووفقاً لهذا العلم، فرض دخول إفريقيا مرحلة جيولوجية مختلفة ندرت فيها النباتات على الأرض على ذلك الإنسان البدائى قطفها من الأشجار، أو قطع مسافات طويلة لتدبير قوته، فأخذ يستخدم يديه فى أعمال بدائية.

وفى غمار ذلك التحول، بدأ فى استخدام عقله، فأخذت دماؤه تكبر تدريجياً على مدى آلاف السنوات، إلى أن اكتشف النار التى كانت نقطة تحول كبرى ثانية نحو نمط آخر من الحياة. وأسهم استخدام النار لطهو الطعام فى تطور حاسة التذوق، كما وفرت له الحماية من وحوش كان يخشاها، وأتاحت له بالتالى شعوراً بقدر من الأمان وتكوين عائلة. وعندئذ تكون بُعد وجدانى لديه، وبدأ يبحث عن وسائل للتخاطب، فاخترع اللغة.

وأدى وجود اللغة إلى اختراع الكتابة، فى الوقت الذى تحرر الإنسان من الحتمية الطبيعية، واكتسب أبعاداً اجتماعية وثقافية، وبات مدركاً ذاته وقادراً على استخدام عقله فى الربط بين الأشياء والأحداث وتنظيمها، إلى أن تمكن بفعل هذا العقل من تطوير استخدام يده عبر اختراع آلات أخذت تتطور مع الزمن.

ويعنى ذلك أن العمل مهما كان جاداً ومخلصاً وشاقاً لابد أن يعتمد على عقل يصوغ رؤية متكاملة تربط بين مختلف جوانب هذا العمل لكى تأتى نتائجه على قدر الجهد المبذول فيه.

arabstoday

GMT 09:49 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

التعريق والتوريق والترويق

GMT 09:48 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

يمنحوننا البهجة ونحرمهم من الدعاء!

GMT 09:45 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

العقاد في فلسطين

GMT 09:43 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

نساء مصر ورجالها!

GMT 09:42 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

الحقيقة متعددة الروايات

GMT 09:31 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

هل إسرائيل شرطيُّ المنطقةِ الجديد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقل  والعمل العقل  والعمل



إليسا تتألق بفستان مرصع بالكريستالات وتخطف الأنظار بإطلالات فاخرة

جدة ـ العرب اليوم

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

تغيير في المزاجين الأميركيّ والعربيّ

GMT 07:25 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

الدولة الفلسطينية!

GMT 09:27 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

السعودية والنهوض بسوريا وفلسطين

GMT 00:02 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

عبدالناصر ومشروعه.. الصراع على المستقبل

GMT 10:40 2025 الجمعة ,01 آب / أغسطس

جيرونا يضع شرطين لضم روميو مدافع برشلونة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab