تضامن الشعب

تضامن الشعب

تضامن الشعب

 العرب اليوم -

تضامن الشعب

عمرو الشوبكي

تظاهر أمس الأول فى فرنسا ما يقرب من 4 ملايين مواطن، نصفهم تقريباً فى باريس، فى أكبر موجة احتجاج شعبى ضد الإرهاب تشهدها فرنسا، والتى وصفها كثير من المراقبين بأنها حشود غير مسبوقة وتاريخية، و«لا تصدق»، واعتبرها البعض الآخر أنها «مسيرة الجمهورية» ضد الإرهاب بعد سلسلة هجمات أوقعت 17 قتيلاً وعشرين جريحاً خلال ثلاثة أيام فى فرنسا.

وشارك فى التظاهرة 44 رئيس دولة ورئيس وزراء، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الفرنسى، كما استبعد حزب الجبهة الوطنية اليمينى المتطرف من المشاركة فى التظاهرة، رغم لقاء رئيس الجمهورية بزعيمته (مارين لوبان)، وهو موقف له دلالة، من حيث موقع رئيس الجمهورية ومسؤولياته أن يتحاور مع مخالفيه وليس فقط مؤيديه، أما من موقع رئيس الجمهورية الحزبى والشعبى والمبدئى، وحين يختار أن ينزل إلى الشارع، فإنه سيلتزم بقرار حزبه ومؤيديه الذين قرروا عدم دعوة اليمين المتطرف فى التظاهرة الشعبية.

مشهد المظاهرة الباريسية له وجهان: وجه ضميرى وشعبى حقيقى لشعب يؤمن بمبادئ الجمهورية التى أسسها وبقيمها العلمانية والديمقراطية ويرفض العنف والإرهاب، ووجه آخر له علاقة بالمشاركة الرسمية لبعض الزعماء الذين مارسوا إرهاب الدولة أو كانوا سببا فى انتشار الإرهاب، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وليبرمان وديبى، وكان وجودهم جزءاً من حسبة سياسية أكثر منه موقفاً أخلاقياً وسياسياً حقيقياً ضد الإرهاب.

صحيح أن بعضنا تاه فى تفاصيل الحدث الفرنسى وتكلم عن انتفاضة الغرب كله شعبيا وسياسيا ضد الإرهاب، فى حين أنه لم يفعل نفس الشىء فيما يتعلق بضحايا الإرهاب فى بلادنا، وهو أمر فى غاية الغرابة، أن يظل بعضنا أسير الضعف الداخلى وانفصام الشخصية فى التعامل مع الغرب، فترفض سياساته وتدينها، وفى نفس الوقت تطالبه بأن يكون مسؤولاً عن حل مشاكلك، بما فيها التضامن مع ضحايا الإرهاب فى بلادك.

الحضور الشعبى الهائل فى مظاهرة باريس أمر يفرح، ورسالة شعبية وإنسانية عظيمة، وليس مطلوبا تسفيهها أو التشكيك فيها، ولا مطالبة شعب بأن يتضامن مع ضحايا الإرهاب فى بلد آخر بنفس الطريقة التى يتضامن بها مع شعبه، فهو أمر لم يحدث، على الأقل، حتى الآن، رغم الخطاب الإنسانى والحديث عن عولمة القيم والمبادئ.

هناك فارق بين التضامن الإنسانى مع ضحايا الإرهاب فى أى مكان فى العالم، وبين تضامن شعب «مع نفسه» ضد الإرهاب، فتضامن المواطنين فى أوروبا وأمريكا مع ضحايا الإرهاب فى العالم العربى كان فى حدّه الأدنى، فى حين أن تضامن الأوروبيين والأمريكيين مع ضحايا الإرهاب مع بلد مثل فرنسا ينتمى معهم إلى نفس الخلفية الحضارية والثقافية كان فى حدّه الأقصى، وستظل نظرتهم للإرهاب القادم من العالم العربى والإسلامى تقريبا واحدة، ومن المفهوم أن يكون تضامنهم مع ضحايا الإرهاب من الأوروبيين أكبر من تضامنهم معنا.

يجب ألا ينتظر أحد من غيرنا أن يتضامن مع ضحايانا، فنحن الذين يجب أن ننتفض لمواجهة الإرهاب، ليس فقط على المستوى الرسمى، إنما أيضا على المستوى الشعبى، ولا أن ننتظر أن يتضامن الغرب معنا مثلما يتضامن مع ضحاياه، فهو أمر غير منطقى، ولن يحدث، وتذكروا المثل العربى الشهير «لن يحك جلدك مثل ظفرك».

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تضامن الشعب تضامن الشعب



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab