النائب «الصريف»

النائب «الصريف»

النائب «الصريف»

 العرب اليوم -

النائب «الصريف»

عمرو الشوبكي

عرفنا نموذج نائب الخدمات الذي انتشر في العقود الثلاثة الأخيرة في بلادنا، فهو أحياناً ابن البلد الذي يخدم الناس، أو ابن القرية أو الحى الذي ورث المقعد من الأقارب والأجداد، لا يهتم بالسياسة، وعضوية البرلمان بالنسبة له هي فرصة لتوظيف جار أو قريب، أو رصف شارع أو بناء مدرسة أو مستوصف أو معهد أزهرى.

نواب الخدمات انتقدهم كثير من الباحثين والكتاب لعدم امتلاكهم أي رؤية سياسية واكتفائهم بتقديم خدمات لأهالى دائرتهم، وكانوا هم أغلبية أعضاء البرلمانات السابقة حتى من انضموا منهم للحزب الحاكم فقد كانوا في غالبيتهم الساحقة من نواب الخدمات.

صحيح أن هذا النموذج تراجع في العهد الأسبق مع تصاعد ظاهرة أحمد عز الذي روج لنموذج النائب الذي يمول ترشحه وحزبه ودائرته، خاصة بعد وفاة الراحل كمال الشاذلى الذي كان «مهندس» ظاهرة نواب الخدمات والعائلات والقوى التقليدية.

وشهدت مصر مع الانتخابات الأخيرة تكريساً لظاهرة النائب «الصريف» بعد أن اختفت تقريباً في انتخابات 2012، فرغم وجود مرشحى «الزيت والسكر» من الإخوان الذين أنفقوا أموالاً ضخمة في حملاتهم الانتخابية، إلا أنهم امتلكوا ماكينة انتخابية وسياسية محكمة التنظيم وموجودة على الأرض بجوار الصرف المالى، في حين أن نموذج «النائب الصريف» الذي سيطر على المشهد الانتخابى الأخير لم يكن لمعظمه أي موهبة أخرى سياسية أو تنظيمية إلا الصرف المالى.

الفارق بين نائب الخدمات و«النائب الصريف» يكمن في أن الأول رغم ثراء كثير منهم، إلا أنه اعتمد أساساً على تحويل جانب من أمواله لتقديم خدمات للناس (مدارس، مستوصفات، أنشطة خيرية)، أما الثانى فقد اعتمد بشكل أساسى على الرشاوى الانتخابية المباشرة التي وصلت في الساعات الأخيرة في بعض الدوائر الحضرية إلى ما يقرب من ألف جنيه للصوت الواحد، ووثقت حالات كثيرة تعاملت معها اللجنة العليا للانتخابات على طريقة «شاهد ما شفش حاجة».

إن هيمنة هذا النموذج في عدد كبير من الدوائر سيعنى أن «النائب الصريف» لن يكون مضطراً حتى لتقديم أي خدمات لأبناء دائرته، لأنه حسم الأمر بشراء الأصوات، وأن الملايين التي دفعها كرشاوى انتخابية مباشرة كانت هي الرصيد العملى الذي أوصل هؤلاء المرشحين لمجلس النواب.

فعلى خلاف نائب الخدمات الذي كان خليطاً من نائب تقليدى فيه «جدعنة مصرية»، ويعتبره أنصاره وأهل دائرته «خدوماً» وابن بلد يجلس معهم على القهوة، ويرونه في سرادق العزاء وفى الأفراح والليالى الملاح، حتى لو نام في الجلسات فيكفيهم أنهم يرونه وقادرون على التواصل معه.

أما النائب الصريف فهو «كاسر عين» ناخبيه بعد أن اشتراهم بالمال، وغير مضطر للقيام بمهام نائب الخدمات، لأن أصواته جاءت بالمال لا بالجهد والتواصل مع الناس، وتنتهى تقريبا علاقته بهم بالرشوة التي دُفعت وبالصوت الذي أدلى به.

من الصعب القول إن هذه النوعية من النواب قادرة على تقديم شىء يُذكر للناس، سواء على مستوى الخدمات التقليدية التي تُقدم لأبناء الدائرة، أو بالنسبة لدور النائب في الرقابة والتشريع (تعبير ربما لم يسمعوا عنه)، وهو ما سيجعلنا نرى مشهداً مختلفاً عن المشهد الذي انتقده الكثيرون عن نائب الخدمات.

هل سيستطيع نواب «العملة النادرة»، أي هؤلاء الذين لديهم قدرة على تقديم خدمات لأبناء دائرتهم، ولديهم في نفس الوقت رؤية سياسية، ومعهم قطاع من نواب الخدمات التقليديين أن يفعلوا شيئا داخل البرلمان في مواجهة نواب الصرف المالى والفساد؟ هذا ما ستحسمه الأيام القادمة.

arabstoday

GMT 07:37 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أهميَّة لقاءِ الأمير والرئيس

GMT 07:35 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلاف لا محاور

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وأميركا... الصداقة وليس المال فقط

GMT 07:32 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

من يطمئن الجنوبيين ومن يحمي لبنان؟

GMT 07:30 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مستقبل قواعد البيانات للذكاء الاصطناعي

GMT 07:29 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... إفلاس سياسي وليس اقتصادياً

GMT 07:27 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض إلى واشنطن... شريك لا يمكن تجاهله

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات في مواجهة المشروع الأمريكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النائب «الصريف» النائب «الصريف»



منى زكي تتألق بإطلالات ساحرة على السجادة الحمراء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:06 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بي بي سي تؤكد عدم وجود أساس قانوني لدعوى ترامب
 العرب اليوم - بي بي سي تؤكد عدم وجود أساس قانوني لدعوى ترامب

GMT 09:37 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ألوان طلاء تجعل المساحات تبدو أعلى
 العرب اليوم - ألوان طلاء تجعل المساحات تبدو أعلى

GMT 00:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تغرم غوغل 665 مليون دولار بسبب الاحتكار

GMT 07:52 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أضيفي لمسة القفازات لإطلالاتك على خطى النجمة درة

GMT 09:58 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يبدأ تطبيق نظام الحجز المسبق للزوار

GMT 06:31 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سلسلة مؤهلات

GMT 16:24 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

البابا يحث قادة العالم على الاستماع إلى صرخة الفقراء

GMT 08:33 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أناقة المطبخ بين الأبيض والخشب في التصاميم العصرية

GMT 04:41 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 12 وإصابة 10 في حادث حافلة بالإكوادور

GMT 06:32 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة مفاجئة لاعب أوكراني سابق بعد مباراة خيرية

GMT 23:42 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل في الجزائر بعد أداء طلاب طب القسم بالفرنسية

GMT 17:38 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 32 عاملا في انهيار منجم كوبالت بجنوب الكونغو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab