المجتمع الفاشل

المجتمع الفاشل

المجتمع الفاشل

 العرب اليوم -

المجتمع الفاشل

عمرو الشوبكي

قالها باحث ومناضل سياسى سوادنى يسارى، هو د. حيدر إبراهيم، منذ حوالى 4 أشهر فى ندوة كبيرة عقدت فى مكتبة الإسكندرية، حين اعتبر أن جزءا كبيرا من أزمة العالم العربى فى أنه يدور فى دائرة مغلقة منذ 6 عقود، أى صراع بين ما سماه العسكر والإخوان، ووصل إلى نتيجة قالها بجرأة فى العلن: «إننا نتحدث دائما عن الدول الفاشلة، وحان الوقت أن نتحدث عن المجتمع الفاشل».

التعليق كان مفاجأة، لأنه جاء من أحد باحثى علم الاجتماع السياسى الكبار الذين آمنوا بالتغيير والنضال الشعبى والديمقراطى، وليس من مواطن سئم من أزمات واقعة، فتسمعه فى جلساته الخاصة يقول لك نحن شعوب فاشلة لا تصلح عندنا الديمقراطية، نحن لن ينصلح حالنا إلا «بالكرباج» وغيرها من التعليقات التى يقولها أبناء الشعب ضد الشعب، تماما مثل نوعية من النخبة الفاشلة تتهم الشعب بالجهل، حين اختار رئيسا إخوانيا (ولو بـ51%)، وتعود، وتتهمه بالجهل أيضا حين أيدوا السيسى بأكثر من 80% (دون إضافة مصوتى اليوم الثالث فى الحساب).

والمؤكد أن الحديث عن المجتمع غيرُ الحديث عن الشعب، فبلغة العلم حين تقول عن شعب إنه جاهل أو فاشل فأنت تصنف نفسك فى مدرسة الفكر العنصرى، مثل كتابات كثير من المستشرقين الغربيين، وبكل أسف بعض المسؤولين فى بلادنا حين اعتبروا أن شعوبنا غير قابلة للتقدم والديمقراطية لأسباب اجتماعية وثقافية، وهذا بالتأكيد ليس ما قاله زميلنا الباحث الذى تحدث عن المجتمع وليس الشعب، أى المقصود فى هذه الحالة مجمل الظروف السياسية والاجتماعية التى تؤثر فى شعب من الشعوب بما فيها النظام القائم ومستوى التعليم والبيئة الثقافية وغيرها، بما يعنى أن مشكلة المجتمع ليست مشكلة «جينات» حين يتهم البعض شعبا بالجهل أو بأنه غير قابل للتقدم، إنما هى مشكلة سياق جعل هذا المجتمع غير قادر على الخروج من أزماته، ليس لأنه ولد كذلك، إنما لأن هناك ظروفا محيطة به جعلته غير قادر على الخروج من كبواته.

والسؤال المباشر: هل المجتمعات العربية فاشلة؟ وهل المجتمع المصرى فاشل؟ الحقيقة من الصعب التسليم بهذه المقولة، لأنها ستجعل تعثرنا الاقتصادى والسياسى قدَرا لا يمكن الفكاك منه والنظم الاستبدادية حلا، وإذا سلمنا أن الفشل نتاج ظروف محيطة، فلا بد من دراسة هذه الظروف والعمل على تغييرها.

والمؤكد أن تعثر وربما فشل بعض تجارب الربيع العربى قد عمق هذا الإحساس لدى كثيرين، بأن مجتمعنا غير قادر على بناء نظم سياسية ديمقراطية حديثة، خاصة بعد الآمال الكبيرة التى وضعها قطاع هائل من الشعب المصرى على ثورة 25 يناير.

والمؤكد أن تعثر مسار ما بعد يناير، سواء بسبب غياب التوافق على قيادة ومشروع سياسى يعبر عن الثورة، أو ضعف وسوء إدارة المجلس العسكرى، أو فشل الأحزاب التقليدية بما فيها الجناح الإصلاحى داخل الحزب الوطنى فى ملء الفراغ الذى ترتب على سقوط مبارك وخلق مسار قادرة على الإصلاح، سواء من داخل النظام أو من خارجه- هو ما يعنى ضمنا فشل المجتمع الذى أفرز قيادات القوى السياسية والدولة معا فى بناء بديل وصناعة طريق تقدمه.

إن رفض فكرة المجتمع الفاشل سيبدأ بمعرفة لماذا أهدرت أكبر فرصة فى تاريخنا المعاصر فى التغيير وبناء نظام ديمقراطى، ولأن المعركة بالنقاط، فإن المجتمع قادر على أن يبنى بدائل سياسية ومبادرات أهلية رغم كل القيود، تفرض معادلات جديدة على السلطة، وتخرج البلاد من مخاطر السقوط فى ثنائية المجتمع الفاشل والدولة الفاشلة أيضا.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع الفاشل المجتمع الفاشل



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab