القطيعة المصرية

القطيعة المصرية

القطيعة المصرية

 العرب اليوم -

القطيعة المصرية

عمرو الشوبكي

تعددت صور التغيير السياسى منذ ثورة يوليو 1952، وانتقلت البلاد من النظام الاشتراكى فى عهد عبدالناصر إلى النظام الرأسمالى فى عهد السادات، ومن النظام بشكل عام فى كلا العهدين إلى لا نظام فى عهد مبارك.
والحقيقة أن ما اعتدنا أن نراه فى مصر هو رؤساء يؤسسون مشروعهم السياسى من خلال القطيعة مع النظام السابق، رغم أنه كان يمكنه أن يحدث تحولاً سلساً لا يشطب فيه الإرث القديم، ولا ينتقل بالضرورة مع الرئيس الجديد معظم أبناء النخبة التى كانت مع الرئيس السابق.
القطيعة كانت مشروعة تاريخياً وسياسياً مع النظام الملكى، لأن النظام الجديد أسس لنظام جمهورى، وأجرى تغييرات اجتماعية وسياسية عميقة فى بنية المجتمع المصرى، فكان له دون غيره شرعية إحداث قطيعة سلمية مع الملكية.
وحين وصل الرئيس السادات للحكم، وأسس مدرسة اليمين العربى التى آمنت بضرورة إنهاء الصراع العربى الإسرائيلى بالطرق السلمية، وأسست لتحالف سياسى واستراتيجى مع الغرب وأمريكا، وتبنت فى الداخل سياسة رأسمالية، لم يحاول أن يؤسس حزبا يمينيا آخر منافسا للاتحاد الاشتراكى العربى (التنظيم السياسى الوحيد فى ذلك الوقت) مثلما جرى فى الجزائر مثلا مع حزب جبهة التحرير الذى تأسس عقب الاستقلال، وبقى حتى الآن، رغم إعلان الرئيس الجديد فى ذلك الوقت الشاذلى بن جديد، (سادات الجزائر) الذى تلا الرئيس هوارى بومدين، (عبدالناصر الجزائر)، التعددية الحزبية والسياسية والانفتاح الاقتصادى (النسبى)، ولكنه سمح بأحزاب أخرى، ولم يلغ جبهة التحرير، فى حين أن الرئيس السادات ألغى الاتحاد الاشتراكى، وسمح فقط بتأسيس 3 أحزاب تعبر عن اليسار واليمين والوسط.
وحين قرر أن يؤسس حزبا جديدا وهو الوطنى الديمقراطى اختفى حزب الوسط الذى دعمه، أى حزب مصر العربى الاشتراكى، لأن كل أعضائه تقريبا هرولوا إلى حزب الرئيس الجديد فى مفارقة تبدو صادمة.
وعقب اغتيال الرئيس السادات ثم مجىء مبارك أبقى الأخير، على خلاف سابقيه، كل شىء تركه السادات فى مكانه: الحزب الوطنى دون أى إضافات إلا مشروع التوريث الذى شوه الحزب أكثر، ولم تغير مصر شيئا من تحالفاتها الخارجية: علاقة قوية بأمريكا وإسرائيل وأخرى مقطوعة مع إيران.
وكان فى إمكان مبارك أن يجرى إصلاحات ولو من أى نوع على بنية نظامه السياسى، ولو حتى تحديد مدة الرئاسة فى فترتين أو إجراء انتخابات نزيهة، إنما صار نحو الأسوأ، وجعل التغيير يأتى عقب 25 يناير بالقطيعة مع نظامه، وبحل الحزب الوطنى وتجميد نشاطه وحرق بعض مقاره، وتفرق دمائه بين القبائل (بين أحزاب أخرى) ضاعت على مصر فرصة أن يصلح النظام السياسى من داخله، فينفصل الحزب الحاكم عن جهاز الدولة ويدخل فى انتخابات ولو شبه نزيهة مثل انتخابات 2005 التى حصل فيها المستقلون على أغلبية أكبر من مرشحى الحزب الوطنى، وبعد دخولهم البرلمان، قرروا أن ينضموا إلى حزب الدولة الوطنى الديمقراطى.
إن من يُحَمِّل الثورة (التى كانت بالنسبة للملايين فعلاً اضطرارياً) مسؤولية تلك القطيعة مع القديم مخطئ، فالمسؤول الأول عن تفكيك أى مؤسسة حزبية مهما كانت عيوبها لصالح الفراغ والمجهول هو من أبقى الوضع جامدا ساكنا بلا أى تغيير على مدار 30 عاما وليس من قام بالفعل الاضطرارى أى الثورة.
إصلاح القديم عبر عملية تراكمية أفضل من القطيعة معه، وهذا ما اعتدنا أن نراه فى مصر سواء كان التغيير عبر ثورة أو عبر تغيير فى رأس النظام، وقد تكون فرصتنا هذه المرة أننا احتفظنا بما هو أثمن: الدولة الوطنية (التى لم نصلحها بعد) والعلم الوطنى، فغيرنا من جيراننا يبدأ تجربته من حيث لا دولة ولا علم.

arabstoday

GMT 17:04 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

أطباء مصر.. ثروة لا تقدر بثمن

GMT 17:03 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

برشلونة والأهداف السبعة

GMT 11:55 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

سُيّاح المؤتمرات وضيوف الفضائيات!

GMT 09:55 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

واشنطن – الرياض... بين الماضي والمستقبل

GMT 09:54 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

برشلونة والأهداف السبعة

GMT 09:52 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

أطباء مصر.. ثروة لا تقدر بثمن

GMT 09:51 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

عناصر ضرورية لسياسة خارجية فاعلة للبنان

GMT 03:13 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

المنطلق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القطيعة المصرية القطيعة المصرية



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:40 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

تحوّل جذري في السعودية منذ عهد زيارة ترامب"
 العرب اليوم - تحوّل جذري في السعودية منذ عهد زيارة ترامب"

GMT 12:25 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

زيارة ترامب إلى الرياض تكشف عن وفد كبير يرافقه
 العرب اليوم - زيارة ترامب إلى الرياض تكشف عن وفد كبير يرافقه

GMT 14:04 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

راغب علامة يعلق على أزمة المعجبات في حفلاته
 العرب اليوم - راغب علامة يعلق على أزمة المعجبات في حفلاته

GMT 00:39 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

الجيش السوداني يسيطر على مناطق جديدة

GMT 09:51 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

عناصر ضرورية لسياسة خارجية فاعلة للبنان

GMT 06:50 2025 الإثنين ,12 أيار / مايو

ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟

GMT 09:55 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

واشنطن – الرياض... بين الماضي والمستقبل

GMT 05:34 2025 الإثنين ,12 أيار / مايو

وقفة مع الصديق المجرم!

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

الرياض وواشنطن: التحالف في الزمن الصعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab