«المنحة يا ريس» في ثوبها الجديد

«المنحة يا ريس» في ثوبها الجديد

«المنحة يا ريس» في ثوبها الجديد

 العرب اليوم -

«المنحة يا ريس» في ثوبها الجديد

عمرو الشوبكي

تابع الكثيرون احتفالات العالم بعيد العمال، والتى امتدت من تركيا إلى باكستان، ومن فرنسا حتى اليونان، ومن تونس العربية إلى كوريا الآسيوية إلى كوبا اللاتينية، حتى صار الاحتفال مشهدا عالميا فى الشرق والغرب وفى البلاد الفقيرة والغنية.

معظم هذه الاحتفالات مرّ بهدوء وبعضها لم يخلُ من مصادمات، إلا عندنا فى مصر التى شهدت احتفالا نادرا وغير مسبوق بعيد العمال فى أكاديمية الشرطة، وحضور كل رموز وأبطال «المنحة يا ريس» من قيادات الاتحاد العام الرسمى حتى لو غابت المنحة شخصيا.

والمعروف أن مصر عاشت طوال عهد مبارك على أن عيد العمال يعنى الهتاف الشهير «المنحة يا ريس»، والذى عبر عن الفارق بين مجتمعنا، والبلاد الديمقراطية المتقدمة، أو التى تحاول أن تكون ديمقراطية ومتقدمة.

وفى اليوم الذى اعتاد أن يهتف فيه كثير من قيادات الاتحاد العام لعمال مصر بـ«المنحة يا ريس» يخرج آلاف من العمال والموظفين فى يوم 1 مايو للتظاهر من أجل الدفاع عن حقوق العمال، وتذكير النظم الرأسمالية بحقوق الطبقات الفقيرة، خاصة العمال الذين دفعوا ثمنا باهظا من أجل تقدم هذه المجتمعات وبناء النظم الرأسمالية الحديثة.

وقصة عيد العمال أو العمل، كما يطلق عليه فى بلاد أخرى، تعود إلى عام 1886 حين قام عمال مدينة شيكاغو الأمريكية بإضراب بدأ فى 1 مايو، وطالبوا فيه بضرورة تحديد ساعات العمل بـ8 ساعات.

وقد وافقت الحكومة على الإضراب الذى حضره عمدة المدينة، ولكنه سرعان ما غادر القاعة بعد أن أصر العمال على مطالبهم، أعقبه انفجار قنبلة (اكتُشف بعدها بسنوات أن الشرطة هى التى وضعتها)، قامت على أثره الشرطة بفض الاجتماع بالقوة وأطلقت النار على المحتجين فسقط قتلى وجرحى.

ومنذ ذلك التاريخ اعتُبر هذا اليوم هو عيد العمال فى كل دول العالم، ماعدا أمريكا التى اختارت يوم 6 سبتمبر كتاريخ لعيد العمل.

وظل العمال يحتفلون بصورة سلمية بهذا اليوم، وتحول الاحتفال الذى كان عبارة عن «حرب شوارع» فى منتصف القرن الماضى، إلى رسالة تأكيد على حقوق العمال وقيم العمل والإنتاج، خاصة بعد أن استقرت العلاقة بين العمال من جهة، وأرباب العمل والسلطة السياسية من جهة أخرى على حل خلافاتهم بالتفاوض عبر ممثلين حقيقيين لكلا الطرفين، وأن الإضراب سلاح أخير ومشروع.

إن هذا العالم الذى دفع العمال ثمنا باهظا من أجل تقدمه، لم يعرف فى بلدانه الشمالية والجنوبية ثقافة «المنحة يا ريس» التى تعرفها مصر، فالجميع ناضل من أجل انتزاع حقوقه: العمال بصورة ثورية فى البداية، وأرباب العمل والنظم القائمة بصور قمعية، حتى وصل الطرفان بعد مواجهات عنيفة إلى التوافق على وسائل ديمقراطية يحكمها التفاوض والرغبة فى الوصول إلى حلول وسط.

والمؤكد أن رحلة بناء التقدم فى هذه المجتمعات لا تقوم على انتظار علاوة لا يصاحبها عمل أو جهد، إنما ببناء نقابات عمالية قوية ناضلت من أجل الحصول على حقوق من تمثلهم، ونظم رأسمالية حقيقية تحرص على تكريس قيم الإنتاج والعمل. وبما أننا لم نفعل شيئا من كل هذا فقد شهدنا احتفالا رسميا باهتا بعيد العمال حضر فيه كل أطراف معادلة «المنحة يا ريس» إلا المنحة نفسها، فشهدنا هتافات بالروح والدم لفداء الرئيس، وشهدنا تحريضاً على مواجهة الخصوم خارج إطار القانون، ولم نسمع كلمة واحدة عن مشاكل العمال ولا حواراً حقيقياً مع الرئيس حول قضية واحدة تخص مشاكل العمل والعمال، وبقينا كما نحن فى عصر «المنحة يا ريس» حتى لو ارتدت ثوبا جديدا.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«المنحة يا ريس» في ثوبها الجديد «المنحة يا ريس» في ثوبها الجديد



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 23:17 2025 الأحد ,27 تموز / يوليو

روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة
 العرب اليوم - روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab