الاستثمار في الانقسام

الاستثمار في الانقسام

الاستثمار في الانقسام

 العرب اليوم -

الاستثمار في الانقسام

بقلم : عمرو الشوبكي

يجب عدم الإغراق فى نظريات المؤامرة التى تصور العالم أنه لا يفعل أى شىء من الصباح إلى المساء إلا التآمر علينا، فى حين أننا لو أمعنا النظر جيدًا فسنجد أن القوى الكبرى لديها خطط، بعضها معلن وبعضها غير معلن، لتحقيق مصالحها والاستثمار فى ضعف الآخرين.

وإذا كان هذا يحدث بين القوى المتقدمة كما يجرى حاليًا بين أمريكا وأوروبا فما بالنا بما يمكن أن يحدث بين القوى الكبرى والعالم العربى؟.

إن الاتحاد الأوروبى، الذى يتكون من ٢٧ بلدًا، يعيش عليها حوالى ٤٥٠ مليون إنسان، ويمتلك سوق ضخمة وحضورًا اقتصاديًا كبيرًا سمح له بالدخول فى شراكات مع مختلف دول العالم، وبناء مؤسسات سياسية مثل المفوضية الأوروبية والبرلمان، إلا أنه عجز حتى اللحظة عن بناء سياسة خارجية ودفاعية أوروبية موحدة.

والمؤكد أن الانقسام الأوروبى حول قضايا الأمن والسياسة الخارجية سهل من اختراقات ترامب، فالرجل يعرف أن المجر حليف لتوجهاته، وإيطاليا ميلونى «قريبة من فكره»، وهو ما اتضح أثناء زيارتها الأخيرة إلى الولايات المتحدة وما تردد بأنها ستحصل على مزايا اقتصادية لبلدها وليس الاتحاد الأوروبى الذى ذهبت تتحدث باسمه، أما بريطانيا التى تختلف حكومتها العمالية مع توجهات ترامب، فإنها مرتبطة ثقافيًا بأمريكا، وبقى خلافه مع فرنسا وألمانيا الذى يتوقع أنهما لن يمثلا قوة ضغط كبيرة تدفعه إلى مراجعة سياساته.

ترامب يعرف أن الاتحاد الأوروبى منقسم على ذاته، وأن لديه حليفًا قويًا هو رئيس وزراء المجر الذى استقبل بكل سلاسة رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، رغم قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقته، وأعلن أن بلاده ستنسحب من المحكمة، واتخذ سياسات عكس ما توافقت عليه الدول الكبرى فى الاتحاد الأوروبى، سواء فيما يتعلق بملف الهجرة أو الديمقراطية وحقوق الإنسان.

يقينا إن «الإبهار» الذى قدمته التجربة الأوروبية فى توحيد دول خاضت معظمها حروبًا عالمية طاحنة سقط فيها ملايين الضحايا تراجع الآن أمام فشل دول الاتحاد فى تبنى سياسة خارجية ودفاعية موحدة وعجزها عن اتخاذ موقف موحد من قرارات ترامب، كما أن تجاهل الأخير لمؤسسات الشرعية الدولية واعتماده على القوة وليس القانون الدولى، خاصة بعد أن أهدرت إسرائيل كل قرارات الشرعية الدولية لوقف حرب غزة وفشلت فى محاسبتها على الجرائم التى ارتكبتها بحق المدنيين، فإن أوروبا أيضا عجزت عن أن تكون الحامى القوى لقرارات الشرعية الدولية وتفرض القوانين الدولية.

لم يكن ترامب سيتحرك بهذه الطريقة تجاه أوروبا ويستهدف نموذجها السياسى والاقتصادى ما لم يكن متيقنًا من أنها منقسمة على ذاتها، وأن تحركات القوى الكبرى ستتضاعف تجاه أى دولة ستتيقن أيضًا من ضعفها فما بالنا إذا كانت هذه المنطقة هى العالم العربى الذى يشهد انقسامات وضعفًا أكبر بكثير مما يشهده الاتحاد الأوروبى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستثمار في الانقسام الاستثمار في الانقسام



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - محمد منير يتخذ خطوة جديدة في ألبومه المقبل

GMT 22:36 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

زلزال بقوة 3.9 درجة يضرب المغرب

GMT 06:45 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

أربيل والسليمانية والقوة الناعمة الكردية

GMT 10:48 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

جريمة الإخوان المسلمين في حق الأردن…
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab