بقلم:عمرو الشوبكي
وجوه سياسية جديدة جاءت من العالم العربى وانخرط بعضها فى أحزاب اليمين المتطرف مثل سارة كنافو وجون مسيحة وغيرهما.. وهناك آخرون انخرطوا فى أحزاب اليسار مثل نجاة بلقاسم، وأقصى اليسار مثل ريما حسن، وصاروا وزراء ونوابا، وبات جانب مهم من الجدل السياسى الأوروبى يدور حول قضايا الهجرة والمهاجرين، ورغبه أقصى اليمين فى عدم تكرار تجربة آباء هؤلاء وطرح سؤال انتمائهم للبلد الذى يعيشون فيه.
اللافت فى تجارب كثير من البلاد الأوربية، خاصة فرنسا أنها أظهرت تبلور كتلة تصويتية كبيرة من أبناء وأحفاد المهاجرين ممن حملوا جنسية البلد الجديد، وصاروا مواطنين لهم حق الترشح والانتخاب، وهنا بدأت الخريطة السياسية فى التغير وأصبح الموقف منهم يشكل أحد أوجه الانقسام السياسى والتنافس الحزبى والانتخابى فى أوروبا.
فكما أن حزب التجمع الوطنى، ممثل اليمين المتطرف، ويحصل على أصوات الرافضين للمهاجرين الأجانب والمتشككين فى انتماء الفرنسيين من أصول عربية «للعلمانية الفرنسية» وفى قدرتهم أن يصبحوا مواطنين «كاملين» مثل الفرنسيين «الأصليين» من أصحاب البشرة البيضاء، يقابله أقصى اليسار الذى يعتمد فى جانب أساسى من قوته على أصوات الفرنسيين من أصول مهاجرة، وهو الذى قال زعيمه «ميلنشون»:
«حين كنت شابا كانت تقريبا نسبة الفرنسيين من أصول مهاجرة ١ إلى ١٠ أما الآن فأصبحوا ١ إلى ٤» وأضاف: «آباؤكم وأجدادكم بنوا فرنسا وإياكم أن تقبلوا من أحد أن يفرزكم على أساس أصولكم العرقية أو يعتبر أن حقوقكم أقل من باقى الفرنسيين».
الانقسام حول كتل الأوروبيين من أصول مهاجرة أصبح واقعا، صحيح أنهم لا يحملون جميعا موقفا سياسيا واحدا، فهناك من يرى نفسه جزءا من المنظومة الثقافية والاجتماعية الغربية، إلا ملامح وجهه المختلفة، كما كانت حالة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق «ريشى سوناك» بجانب عدد من النواب والرموز السياسية فى فرنسا، الذى مثلت أصولهم المهاجرة «دافعا عكسيا» نحو التطرف فى رفض الهجرة والمهاجرين.
ومع ذلك، فإن الغالبية لا ترى ذلك وباتت تتجه لدعم أحزاب تتبنى خطابا فى صالح حقوق الأوروبيين من أصول مهاجرة، وتكرست ثنائيات جديدة فى مجال السياسة تقوم على خلاف عميق بين تيار يرى ضرورة تعزيز حقوق الأوروبيين من أصول مهاجرة، وآخر يعمل على تقليصها ولو طال إلغاؤها.
إن بعض قادة تيارات اليمين المتطرف وعلى رأسهم الفرنسى «إريك زامور» (أصوله يهودية جزائرية) يروجون لكتاب «الاستبدال الكبير» الذى كتبه الباحث الفرنسى «رونو كامى» واعتبروا المهاجرين المسلمين خطرا على الهوية الأوروبية المسيحية، وأنهم محاربون غزاة يهدفون إلى جعل حياة السكان الأصليين مستحيلة وإجبارهم على الفرار و«إخلاء الأرض»، واستبدالها بالإسلام.
طبعا هذا الكلام يرد عليه فى أوروبا نفسها بكلام علمى وسياسى، لكنه فى النهاية استحوذ على جانب كبير من النقاش العام والسياسى فى كل أوروبا.