المجتمع المستباح

المجتمع المستباح

المجتمع المستباح

 العرب اليوم -

المجتمع المستباح

عمرو الشوبكي

اعتاد المصريون أن يستمعوا يوميًّا لشتائم وبذاءات كثيرة من رموز المرحلة الجديدة وقادتها المحصنين، دون أن يحاسبهم أحد، فقد اعتادوا أن يسبوا أى مواطن على الهواء مباشرة ويهينوه، وأن يسيئوا لأمه وكل فرد فى عائلته، وسط حياد كامل لأجهزة الدولة، طالما أن المهان من المجتمع، ومجرد مواطن غير «محصن».

وحتى لو كان هذا المواطن بنجومية وأخلاق وعقل لاعب كرة القدم السباق بالنادى الأهلى ومدرب الناشئين فيه عبدالعزيز عبدالشافى، فستسب فى اليوم التالى وتهان، لأنك حتى لو كنت تنتمى لأكبر ناد مصرى وعربى وأفريقى، فإن كل هذا لن يشفع لك لأنك لا تعمل فى مؤسسة محصنة حتى تحاسب الشاتم، واسمك ليس من بين «الأربعة المحصنين»، وجرؤتَ على أن تجرى نقاشا محترما وراقيا وغير متكرر كثيرا فى الأوساط الكروية، وأثبتَّ أن الشجاعة ليست بالصوت العالى والرجولة ليست بالسباب.

ما جرى مع الكابتن زيزو، نجم النادى الأهلى، يدل على أن هناك مشكلة أعمق من كون هناك من يشتم ويسب، إنما فى استباحة المجتمع المصرى بهذه الطريقة طالما هو ليس جزءا من السلطات أو الأشخاص المحصنين.

مسألة استباحة المجتمع أصبحت سمة العصر، فالذوق العام استبيح، وأصبحت جملة من مخلفات الماضى وإهانة الناس لا تتم فقط عبر شتائم بعض الفضائيات، إنما أيضا من غياب فكرة النقاش العام والمجتمعى من قانون الانتخابات وحتى قانون الخدمة المدنية، على اعتبار أن المجتمع لا يعرف، وهناك من قرروا أن يعرفوا بدلا منه.

إن أسوأ ما تعانى منه مصر هو عدم بذل أى جهد يذكر فى بناء دولة القانون، واستمرار الحياد السلبى للنظام الحالى الذى لا يزال يعمل بكتالوج مبارك: دعهم يختلفون ويتعاركون، ولن نتدخل، ولن نحرض، ولن نتآمر إنما فقط نتركهم دون حسيب أو رقيب ودون أى نظام أو قانون، والسبب فى عهد مبارك كان الرغبة فى البقاء الأبدى فى السلطة وتوريثها إن أمكن، أما حاليا فينظر إلى هذه الأمور على أنها ثانوية أمام خطاب المشاريع الكبرى والحرب على الإرهاب والاصطفاف الوطنى، فما وزن أن يسب مواطن بأمه فى بلد يعانى من بطالة وفقر وإرهاب؟!

إن البلاد التى انتقلت من التخلف إلى التقدم، ومنها سنغافورة التى سيزورها الرئيس قريبا، كتب رئيس وزرائها الشهير لى كوان يو كتابه الأعظم: «قصة سنغافورة من العالم الثالث إلى الأول» وكيف نظر إلى المجتمع بتفاصيله ونقاط ضعفه، وكيف بدأ الإصلاحات، وكيف واجه عيوب المجتمع (ليس بالشعارات والجمل الرنانة)، وكيف وضع أسسا لدولة قانون حديثة، رغم أنها لم تكن دولة ديمقراطية كاملة؟، وأن ما فعله الرجل وغيره من كل تجارب العالم الثالث التى تقدمت لم نفعل نحن منه خطوة واحدة.

ما ينظر إليه الآن على أنه أمور هامشية هو الذى صنع التقدم عند غيرنا، فمهما خلصت النوايا، ومهما افتتحنا من مشاريع كبرى، فلن نتقدم طالما ظل القانون فى إجازة، ونظرية «دعهم يشتمون لأنهم مفيدون» هى المسيطرة، بصرف النظر عن الدمار المعنوى والرسائل الخاطئة التى تصيب المجتمع.

لن يتقدم مجتمع يشعر قطاع واسع فيه أنه مستباح فى مقابل شعور قلة أنهم محصنون.

arabstoday

GMT 04:52 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

المقنعة ألغت الألعاب

GMT 04:50 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

قمة الثبات العربي والإسلامي

GMT 04:47 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

هند رجب تُبعث من جديد

GMT 04:45 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ترمب... والسخرية من الساخرين منه

GMT 04:42 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

الديمقراطية غير الليبرالية: خيال روسي ــ صيني

GMT 04:39 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ما المطلوب من مؤتمر حل الدولتين؟

GMT 04:35 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

بغداد والهدوء الحذر

GMT 04:26 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

هذا الملك.. وهذه الملكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المستباح المجتمع المستباح



الملكات والأميرات والسيدات الأوائل يتألقن في أسبوع من الإطلالات الملوكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

لقاء الحكومة والإعلام

GMT 15:37 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

يوتيوب تطلق مجموعة تحديثات فى YouTube Studio

GMT 15:57 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026

GMT 15:50 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

سعد لمجرد يفاجئ جمهوره في أحدث أغانيه

GMT 15:19 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

اليورو يسجل أعلى مستوى له مقابل الدولار منذ 2021

GMT 03:49 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

تسجيل 16 هزة ارتدادية في كامشاتكا الروسية

GMT 04:15 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الأربعاء 17 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab