الذاكرة الوطنية

الذاكرة الوطنية

الذاكرة الوطنية

 العرب اليوم -

الذاكرة الوطنية

عمرو الشوبكي

الذاكرة الوطنية والسياسية أو التاريخ الوطنى لأى أمة من الأمم هى مفردات تجاهلها البعض، واستخفَّ بها البعض الآخر، وانعكست على شكل الصراع السياسى ومواقف كثير من الأطراف من الدولة والمجتمع والتاريخ الوطنى.

ويمكن القول إن الذاكرة الوطنية المصرية الحديثة بدأت مع محمد على، مؤسس الدولة الوطنية، وكانت فى أساسها تقوم على بناء دولة قوية توسعت خارج حدودها، وانتصرت وهُزمت حتى احتُلت على يد البريطانيين، ثم أعيد تأسيسها مرة أخرى من خلال النضال ضد المحتل الأجنبى منذ ثورة عرابى مروراً بسعد زغلول وثورة 1919، وانتهاء بثورة يوليو وجمال عبدالناصر، وهى كلها مشاريع تحرر وطنى صهرت بعض الرموز الإسلامية، خاصة مفكرى النهضة، كالشيخ رفاعة الطهطاوى ومحمد عبده وآخرين داخلها، وظلت جماعة الإخوان خارجها منذ تأسيسها عام 1928.

المؤكد أن الحركة الوطنية المصرية ناضلت من أجل الاستقلال والتحرر الوطنى مع حزب الوفد قبل ثورة يوليو، ومع عبدالناصر بعدها، وشكَّلت ذاكرة وطنية مجتمعية احتضنت هذا النضال، وبقى الإخوان خارجه حتى لو كانوا ضد الاستعمار والاحتلال، ولكنهم تصرفوا منفردين عن باقى أطياف المجتمع وبنوا ذاكرة موازية تتحدث بإسهاب عن شهداء الإخوان لا شهداء الوطن وعن تاريخ الجماعة لا تاريخ الحركة الوطنية.

إن تاريخ الجماعة منفصل معنوياً وسياسياً عن الذاكرة التاريخية للشعب المصرى، وازدواجية الذاكرة الوطنية فيها كثيرٌ من الخطورة والمشكلات، فجزء من أزمة الإخوان مع الدولة وكراهيتهم لها، وللمجتمع الذى لم يتبن خطابهم، وكان جزء من الذاكرة السياسية التى لم يتفاعلوا معها يرجع إلى كونهم اعتادوا أن ينظروا للذاكرة الوطنية باعتبارها تخص مجتمعاً آخر وصفته بـ«العلمانى» تارة أو بـ«البعيد عن الإسلام» تارة أخرى، فشمتت فى هزائمه، ولم تفرح لانتصاراته.

لقد نظر الإخوان للدولة باعتبارها كياناً يظلمهم، ولم يهتموا كثيراً بأن يعرفوا أنه كيان حمى الوجود المصرى، وأن نقطة تمايز مصر عن جيرانها فى المنطقة هى فى وجود تقاليد للدولة المصرية رغم ما فيها من عيوب تختلف عن حالة الـ«لا دولة» الموجودة فى أكثر من تجربة عربية.

والمؤكد أن تجارب النجاح تقول لنا إن تصالح التيار الإسلامى أو المحافظ دينياً مع الذاكرة الوطنية لأى أمة من الأمم كان شرطاً لنجاحها وتقدمها، فتصالح الإسلاميين فى تركيا مع الجمهورية العلمانية ومؤسسها مصطفى كمال أتاتورك كان وراء نجاح حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا، قبل أن تأخذه غواية السلطة ويعمل على البقاء الأبدى فيها.

لقد أخرج الإخوان بركاناً هائلاً من الكراهية ضد كل رموز الذاكرة الوطنية المصرية، وتصوروا أنه بحفلات الشتائم التى نالها عبدالناصر قد انتصروا لثأرهم الإخوانى معه، فحتى لو اعتبروا أن إقصاءهم كان فقط مسؤولية النظم السابقة، وأنهم كانوا ضحايا وملائكة فى العهد الملكى والجمهورى على السواء، فإن هذا لا يعفيهم من أنهم يدفعون ثمن بنائهم ذاكرة موازية لذاكرة الشعب المصرى الوطنية، فخسروا معركة السلطة والمعارضة، لأنهم اعتبروا منذ البداية أن لهم ذاكرة خاصة منفصلة عن الجميع.

 

 

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذاكرة الوطنية الذاكرة الوطنية



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab