خلاف أجيال في مختلف المراحل

خلاف أجيال في مختلف المراحل

خلاف أجيال في مختلف المراحل

 العرب اليوم -

خلاف أجيال في مختلف المراحل

بقلم -بكر عويضة

 

لم يكن عمر انتفاضة قطاع غزة عام 1987 قد تجاوز أوائل شهورها، عندما وجدتني، فجأة وبلا قصد مُسبق، أقاطع أحد أبرز سياسيي فلسطين طوال سنوات خواتيم القرن الماضي، قائلاً ما مضمونه؛ إذا تعبتم فمن قال لكم إن الشعب سوف يتعب مثلكم؟ حدث ذلك بينما أنصِت جيداً، إلى حديث خالد الحسن، خلال اجتماع عام حضره حشد كبير من فلسطينيي وعرب بريطانيا، ولا عجب في هذا الاهتمام، فالرجل من مؤسسي حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» التاريخيين، وقد عُرف بسعة الاطلاع، وحُسن الخُلُق، وهدوء الحوار، حتى مع المعارضين لسياسات تنظيمه. تلك أوصاف تنطبق كذلك على شقيقيه الأصغر سناً منه، هاني، القائد البارز في «فتح» أيضاً، وبلال، الكاتب الصحافي المرموق. في ذلك اللقاء، أسهب أبو السعيد في الحديث عن أهمية ما سوف يحدث من تغيرات في مسار قضية فلسطين بفعل تأثير الانتفاضة، لكنه رجّح احتمال «أن تتعب جماهيرنا»، ولهذا لفت الانتباه إلى ضرورة أن تهيئ القيادة نفسها بالاستعداد للمراحل المقبلة.

واضح مما سبق أين وقعت مقاطعتي للرجل. ذلك تصرف غير عاقل من جانبي، تعامل معه السياسي المحنك بكثير من الهدوء، فاكتفى بأن أوضح أنه لم يعنِ ما فهمتُ لجهة التشكيك في صمود الشعب، فهو متأكد من الإصرار الشعبي على الاستمرار في الانتفاضة حتى يتحقق الانتصار المُتَوخى منها. إنما، كما قال أبو السعيد مؤكداً، يجب كذلك التحضير للمراحل المقبلة، وتلك إحدى المهام الأساسية التي تواجهها قيادة «فتح»، وغيرها من القيادات الفلسطينية. الذي جرى مع خالد الحسن يوضح مدى تأثير تباين الأعمار، على اختلاف التفكير بين الأجيال في مختلف المراحل. يومها كان أبو السعيد في خواتيم خمسينات العمر (تُوفي عام 1994)، وكنتُ في مطالع الأربعينات. آنذاك، لم تكن لديّ، كما كثيرين غيري من جيلي، ذرة استعداد لتقبل أي طرح يرمي إلى قبول مبدأ الحل المرحلي، وصولاً إلى ذروة الهدف النهائي القائل بتحرير كامل التراب الفلسطيني.

من جهته، انتمى خالد الحسن، كما قيادات «فتح» التاريخية، إلى جيل أطلق مطلع عام 1965 ثورة «بِساط الريح»، كما كان ياسر عرفات يطلق عليها. وهو جيل ضم بعضاً ممن كانت لهم تجارب اتسمت بعمق قيادي داخل مختلف التيارات الحزبية في العالم العربي، من «القوميين العرب» إلى «الشيوعيين»، ومن «البعث» إلى «الإخوان المسلمين». لذا، يمكن فهم لماذا أوصل زخم التجارب الذاتية عدداً من قيادات «فتح» التاريخية تحديداً، إلى الاقتناع بأهمية الأخذ بزمام المبادرة عند التعامل مع أي تغييرات تجري على أرض الواقع العربي. لكن أغلب جيلي، من جهته، لم يكن جاهزاً لمثل هذا التحول، ولذا يمكن فهم أيضاً لماذا سارع كثيرون بيننا، إلى إطلاق صفات من نوع «التفريط بالحقوق»، و«الاستسلام لمشاريع التسوية»، عندما أعلن أبو عمار برنامج «النقاط العشر»، في ختام المجلس الوطني الفلسطيني بالقاهرة عام 1974. لكن أسباب الخلاف لا تنحصر فقط في اختلاف الأعمار، بل ترتبط بمناهج التفكير التي نشأت عليها الأجيال.

أما إمكانية تقبّل أن تعديل المسار لن يقلل من إحساس الانتماء للأرض مقدار ذرة، فتختلف من امرئ لآخر. هناك من سيقبل، ولو مرحلياً، وهناك من سيظل يرفض حتى الرمق الأخير. تُرى، أليس ممكناً التلاقي بين حالتي الرفض والقبول؟ نعم ممكن، إنما حين تصفو النيّات، فلا يُزكي أحد نفسه على أحد، في ما يتعلق بالوطن، أو الدين، أو أي شأن عام. وهل لكل الذي سبق صلة بكل ما يجري منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي فوق أرض قطاع غزة ومجمل فلسطين؟ بالتأكيد، إنما المساحة لا تتسع، لذا للمقال صلة في أسبوع مقبل.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلاف أجيال في مختلف المراحل خلاف أجيال في مختلف المراحل



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 14:52 2025 الجمعة ,12 أيلول / سبتمبر

السّلاح باقٍ والكلّ خائفون… إلّا إسرائيل!

GMT 11:10 2025 الجمعة ,12 أيلول / سبتمبر

أفضل 10 جزر في المالديف لعطلة شاطئية لا تُنسى

GMT 12:45 2025 الجمعة ,12 أيلول / سبتمبر

خمسة فيتامينات ضرورية لتعزيز نمو الشعر وكثافته

GMT 06:25 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

قراصنة أتراك ينشرون رقم غالانت ونتنياهو

GMT 16:04 2025 الخميس ,11 أيلول / سبتمبر

ماذا لو حدث العكس؟!

GMT 02:21 2025 الجمعة ,12 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 12 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab