حب وزواج في زمن الحرب

حب وزواج في زمن الحرب

حب وزواج في زمن الحرب

 العرب اليوم -

حب وزواج في زمن الحرب

بقلم : بكر عويضة

أتاني صوتها يتساءل بغضب: أيُعقل أن يفكّر أيٌ من شابات غزة وشبانها في الزواج، في حين يواجه أهل القطاع حرب إبادة تشنها إسرائيل عليهم بلا وازع من ضمير إنساني؟ لم تفاجئني نبرة الغضب في استغراب مُحدثتي؛ إذ تُخبرني كيف صُدِمتْ، حين سمعتْ من صديقة لها غزاوية أنها منشغلة بالتحضير لزواج ابنها خلال أيام. قلت للأم الشابة إنها محقة في استغرابها، إنما لعلها حالة استثنائية، ثم انشغلت بدوري عن التفكير في الموضوع، حتى أعاده إلى اهتمامي، بعد أكثر من أسبوع، عنوان على موقع «بي بي سي» العربي تضمّن التالي: «حينما تكون ربطة خبز أغلى هدية يقدّمها المقبلون على الزواج في غزة»، فبدا لي أن الأمر يتجاوز الحالات الفردية إلى إطار أوسع.

الأربعاء الماضي، شاءت الأقدار أن تؤكّد ذلك الاستنتاج، حين كنتُ أجري اتصالَ اطمئنان على أسرة أحد أبناء عمومتي، فقيل لي إن أصغر شبان العائلة سِناً، سوف يتزوج خلال بضعة أيام. فعلاً، أدهشني النبأ. ثم، محاولاً إخفاء دهشتي، سألتُ ابنة ابن العم عن عُمر شقيقها العريس، فقالت إنه لم يتجاوز العام الرابع بعد العشرين. تساءلتُ بيني وبين نفسي؛ ألا يجوز القول إن بوسع الشاب الانتظار بضعة أشهر إلى أن تهدأ الأمور قليلاً بعد التوصل إلى هدنة طويلة الأجل، فتغدو أجواء أفراح الأعراس أقرب إلى التَقَبُّل من قِبل الناس، رغم كل آلام وأتراح زمن الحرب؟ نعم، يمكنه أن يصبر. ردت النفس على تساؤلها. بيد أن شقيقة العريس، وكأنها أحست بما انتابني من حيرة، فسارعت بدورها، تؤكد لي أن الأمر يتم بلا ضجيج حفلات الزواج المعتاد في الأحوال العادية.

ذلك التأكيد خفّف حدة الاستغراب، لكن الدهشة لم تنتفِ تماماً، إذ أنّى لك ألا تحتار كيف تتفهّم ضرورة استعجال أي أحد الإقدام على الزواج في حين الديار تشتعل بنار حرب لا تُبقي ولا تذر. هذا نوع من الحيرة ربما ينتاب المرء إزاء أي أرض تحترق بحرب، خصوصاً إذا لم يكن أمدُ الحرب قد طال فامتدَ عقوداً، ولذا يمكن الافتراض أنه أكثر إلحاحاً عندما يتعلّق بحرب قطاع غزة تحديداً، التي دخلت قبل بضعة أسابيع عامها الثاني. أليس مُحيّراً للعقل أن يتقبل كيف تدفن أمٌ بِكرَ ذراريها بعدما قضى شهيداً، ثم تزف أصغر أبنائها عريساً بعد ذلك ببضعة أشهر؟ هل تَعجب فتنفر من التصرف، أمْ تُعجب بشجاعة إصرار الأم ذاتها -أو غيرها من الأمهات اللواتي عشن حالات مشابهة- على أن استمرار دورة الحياة هو أحد ضرورات الصمود والبقاء فوق الأرض رغم جبروت الاحتلال؟

الأرجح أن تتباين الإجابات، فتراوِح بين موافق ومعترض. ومن المرجح كذلك، أن يُقيَّم الأمرُ وفق المفاهيم التي تحكم ممارسات كل امرئ. أما الذي لن يتعرّض لأدنى تعارض معه، فهو أن الأحاسيس الإنسانية ليست خاضعة لمقاييس زمنية، ولا مكانية، فالحب نبض قد يدق باب أي قلب في لحظة ليست مرتبطة بتوقيت الحرب أو السلام، سواء في غزة، أو لبنان، في سوريا أو العراق، في اليمن أو ليبيا، أوكرانيا أو... أي مكان.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حب وزواج في زمن الحرب حب وزواج في زمن الحرب



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab