باكسمان يتحدى باركنسون

باكسمان يتحدى باركنسون

باكسمان يتحدى باركنسون

 العرب اليوم -

باكسمان يتحدى باركنسون

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

باكسمان هو الاسم العائلي لواحد من مشاهير نجوم الفضاء الإعلامي، داخل بريطانيا وخارجها، بل يمكن القول إن المَثل العربي الأشهر في التدليل على نجومية أحدهم، أو إحداهن، والقائل إن فلاناً من الناس «أشهر من نار على عَلم»، ينطبق تماماً على جيريمي باكسمان، المذيع التلفزيوني اللامع. باركنسون اسم عائلي كذلك. بين حامليه عالم الطب الإنجليزي جيمس باركنسون (1755 - 1824)، الذي يُنسب إليه اكتشاف أساس مرض حمل اسمه بفضل يرجع للعالم الفرنسي جان - مارتن شاركو (1825 - 1893).
بدأت الحكاية قبل قرنين، عندما نشر جيمس باركنسون عام 1817 نتائج ما توصل إليه بشأن أسباب أمراض الأعصاب. يتحدى جيريمي باكسمان هذه الأيام شراسة «مرض باركنسون»، بخوض معركة معه كشف عنها في أغسطس (آب) الماضي، والأرجح أنها السبب الأقوى وراء قراره التقاعد والتوقف عن أداء العرض التلفزيوني الشهير باسم «تحدي الجامعة»، بعد ثمانية وعشرين عاماً من النجاح في مقعد الأستاذ الجامعي، إذ يختبر ذكاء طلابه وسرعة البديهة عندهم وعندهن. بيد أن صيت جيريمي باكسمان ذاع قبل سنوات عدة من التألق في مقعد «تحدي الجامعة»، الذي يسجل آخر حلقاته الأسبوع المقبل.
انطلق اسم باكسمان يخترق الفضاء الإعلامي عبر تميز أدائه في «نيوزنايت»، أحد أهم برامج تلفزيون «بي بي سي» ذات الطابع الإخباري، والمعروف بين مختلف الساسة، محلياً كما عالمياً، والذي اشتهر باكسمان من خلاله بفن إحراج السياسيين، سواء عبر مباغتتهم بغير المتوقع من أسئلة، أو بإصراره على إرباكهم بترديد القول للسياسي؛ «لكنك لم ترد على سؤالي».
في هذا السياق يُضرب المثل المتعلق بلقاء أجراه باكسمان، في البرنامج نفسه، مع مايكل هوارد، عام 1997، وهو يوم ذاك وزير الداخلية في حكومة جون ميجور، إذ طفق باكسمان يردد السؤال ذاته اثنتي عشرة مرة في مواجهة مراوغات هوارد تجنباً لإعطاء جواب دقيق.
ليس من عجب، إذاً، أن تخصص جريدة «التايمز» افتتاحية عددها الصادر يوم الأربعاء 17 - 8 - 2022، للتعقيب على إعلانه في اليوم السابق عن التقاعد، فتعطي أسلوب جيريمي باكسمان في محاورة السياسيين وصف «DOGGEDNESS»، أي المبالغة في العناد، والإصرار على الموقف رغم كل محاولات إجبار الشخص على تغيير رأيه.
ذلك الأسلوب صار مدرسة تخرج فيها عدد من شابات وشبان الإعلام التلفزيوني بمختلف قنواته في بريطانيا، وعلى نهجه أيضاً سار إعلاميون عرب في فضائيات عدة.
يتطلب الأمر شجاعة لعلها تتجاوز المدى المتعارَف عليه، عندما تقرر شخصية ذات حضور متميز في محيطها المحلي، وربما على الصعيد الخارجي أيضاً، الكشف عن إصابتها بواحد من الأمراض الخطيرة، مثل السرطان، أو الزهايمر، أو باركنسون. إنما قد يهون ما سبق أمام إشهار التشخيص بداء مثل الإيدز، لاحتمال أن يسبب الإعلان كثيراً من الحرج للشخص المُصاب أولاً، ثم لكل المحيطين به، ثانياً، سواء الأهل منهم، أو الأصدقاء المقربون، أو حتى المعارِف البعيدون.
الحق أن المجتمعات الغربية قطعت خلال العقود الأربعة الماضية شوطاً يستحق التقدير بشأن إقدام شخصيات عامة على إعلان تشخيصها بمرض مثير للقلق. وكذلك فيما يتعلق بتقبل عموم الناس لهكذا إفصاح عن وضع صحي خاص، والتعامل معه بقدر عالٍ من التعاطف والتسامح.
قد يُقال إن مرض «باركنسون» ليس بخطورة داء السرطان، بمختلف حالاته، ولا هو بمثل ما تأتي به آلام أمراض الشيخوخة، من فقدان الذاكرة البطيء، أو المتدرج، إلى الزهايمر الكلي. ربما، لكن هذا لا يعني أنه غير مؤلم، سواء للمصاب نفسه، أو الأحباء المحيطين به.
وفق معلومات متاحة على الإنترنت، يجري كل ساعة إبلاغ شخصين في مختلف أنحاء بريطانيا أنهما مصابان بالمرض. نعم، معلومة تصعق بالفعل. سبب ذلك أن الأعراض قد تبدأ بطيئة جداً، قبل بلوغ الأربعين، ثم يبدأ التدهور سريعاً مع بدء خريف العمر، وتقدم سنوات الشيخوخة. بالتأكيد هناك اهتمام بمرضى باركنسون في العالم العربي، إنما مهم كثيراً أن تقدم شخصيات عامة، لها وهج حضور جيريمي باكسمان، على التعريف بالمرض وبإمكانية خوض معركة التحدي معه، رغم كل آلامه.

arabstoday

GMT 18:42 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

المخادعون

GMT 18:40 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

«النتيتة» والصواريخ وفيتامينات الشرح

GMT 19:29 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

المعايير الأمريكية بين غزة والسودان

GMT 19:11 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

العقاد يبيع مكتبته

GMT 19:05 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

درس «خصوصي»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باكسمان يتحدى باركنسون باكسمان يتحدى باركنسون



بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
 العرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 15:31 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

شهداء وجرحى في قصف جوي إسرائيلي على قطاع غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab