مستقبل «الإخوان المسلمين»

مستقبل «الإخوان المسلمين»!

مستقبل «الإخوان المسلمين»!

 العرب اليوم -

مستقبل «الإخوان المسلمين»

بقلم - عبد المنعم سعيد

مع كل مرحلة تاريخية وواقع جغرافي. الجانب الفكري من الطبيعي أن يعيش طالما كان هناك دارسون وباحثون وطرق للحفاظ على النصوص والمرجعيات؛ ولذا ينتقل في الذاكرة الإنسانية من جيل إلى آخر. ولكن التنظيم هو ما يبعث الفكرة في الواقع، وكان ذلك هو الفارق الذي قدمه حسن البنا عام 1928 لأفكار أصولية وشمولية لا مانع لديها من إراقة الدماء.
الفكرة المركزية في ممارسات تنظيم الإخوان هي التفرقة ما بين حالة الضعف وحالة التمكين، وكلتاهما لها علاقة بتوازن القوى السياسي والأمني في المجتمع. وما حدث فعلياً أن الإخوان عرفوا كيف يتعايشون مع نظم ملكية وجمهورية وبرلمانية؛ ولم يكن لديهم معضلة في معارضة التعددية الحزبية لأنها تقسم الأمة، ثم المناداة بأن تكون الانتخابات هي الحكم. وفي اللحظة الراهنة، فإن وجه الإخوان في الغرب هو الجماعة المعتدلة المؤمنة بالتآخي مع بقية الإنسانية وقيمها الديمقراطية والليبرالية؛ وفي لحظات سابقة عندما هلّ «الحراك السياسي» عن طريق الشباب العربي في العقد الماضي باتت مرحلة «التمكين» جاهزة للتطبيق عن طريق القوة واستخدام الإرهاب والترويع.
في اللحظة الراهنة، فإنَّ الحالة السياسية الإخوانية يمثلها سيطرة على المساجد والمراكز الإسلامية في الغرب، ومواجهات مع السلطة في كل الدول العربية التي نجت من الربيع المزعوم، وتلك التي قاومت ونجحت مثل الحالة في مصر؛ وتمثيل في السلطة مباشر في تركيا، وبالأكثرية النيابية في تونس، وبالأدوار المؤثرة في الأردن والمغرب، والتعامل مع التراجع في السودان.
التنظيم الدولي لـ«الإخوان» والموجود في أكثر من ثمانين دولة في العالم لا يتدخل في التفاصيل الدقيقة لعمل الفروع، وإنما يحافظ دائماً، أولاً على أن تكون الجماعة هي الحاضنة التي تربي ليس فقط الإخوان، وإنما تفرخ التوابع السياسية والإرهابية كافة. وثانياً، أن تكون قادرة على التعبئة المالية من خلال البنوك والاستثمارات الممتدة حول العالم. وثالثاً القدرة الإعلامية الدعوية في كل الأحوال لنشر الدعوة واستراتيجيات السيطرة على السلطة السياسية.
النظرة الشاملة في العالمين العربي والإسلامي تظهر أن الجماعة تعرضت لهزائم ونكسات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، ولكنها لم تنتهِ ولها مأمن في الغرب حتى الآن، ومساندة من دول مثل تركيا وقطر اللتين جعلتا من أراضيهما ملاذاً للإيواء والتدبير الإرهابي والحملات الإعلامية. مقتربات التعامل مع الظاهرة الإخوانية بأبعادها كافة تراوحت حتى الآن بين ثلاث استراتيجيات: الاستئصال الأمني لجماعة سرية وإرهابية، حيث تُعامَل الحركة باعتبارها تعمل في مجال الجريمة المنظمة؛ والاحتواء أو الشمول داخل النظام السياسي كما تنادي الدول الغربية ويحدث في تونس والمغرب؛ ومؤخراً كانت المواجهة من خلال «تجديد الخطاب الديني» بإعادة بعث ما في الدين الإسلامي من تسامح واعتدال، علَّه يجفف منابع التجنيد للجماعة وتوابعها من الجماعات الإرهابية. وما هو واجب الإضافة هنا ما سبق طرحه في مكان آخر عن ضرورة «تجديد الفكر المدني» أو الدخول في مرحلة أخرى من «تجديد الفكر العربي» يقوم بجدية كبيرة على فكرة الدولة الوطنية في مواجهة الدولة الدينية، والتقدم في مواجهة الخلاص، والعلوم في مواجهة الشعوذة الغيبية.
الدولة الوطنية يجري تكوينها عندما يعود تاريخ الدولة إلى لحظة استقرار شعب وحضارة على قطعة من الأرض لها حدود جغرافية مستقرة. والتقدم هو حالة دينامية انتقل فيها الإنسان من حالة أخرى، ومن ثورات زراعية إلى أخرى صناعية إلى ثالثة معلوماتية، وهكذا انتقالات على سلم صاعد في الشروط الإنسانية. والعلم هو تمجيد للعقل الإنساني وقدرته على التفكير المنطقي والاكتشاف والتجديد وتعقب المجهول حتى ينكشف وليس الاستسلام لما فيه من غموض وظلام.
كان السعي إلى الإصلاح والتجديد واحداً من ردود الفعل العربية البنّاءة خلال السنوات الأخيرة لما جرى في المنطقة منذ عام 2010 من تراجع وصراع. وظهر ذلك بقوة في الكثير من الدول العربية التي قامت بتغييرات جذرية في السعي التنموي والاكتشاف التاريخي والنهضة التعليمية والامتزاج بالعصر وما فيه من تقدم علمي وتكنولوجي. وما حدث في هذا الاتجاه جرى معظمه في إطار الدولة الوطنية مع درجات مختلفة للتعاون خلال المواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين التي من المقدر أنها لم تنتهِ بعد، لأنها تتحرك بمرونة عالية بين الأقطار المختلفة، وبين الضعف والتمكين بحزم تنظيمي بالغ، وتركيب ما بين المركزية واللامركزية بين التنظيم الأم والفروع، والاستفادة من الأوضاع الإقليمية والدولية المتغيرة.
مكافحة الإخوان خلال المرحلة المقبلة سوف تتطلب المزيد من التعاون الإقليمي والدولي للتعامل مع المتغيرات الجديدة للجماعة والجماعات الإرهابية الأخرى.

 
arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل «الإخوان المسلمين» مستقبل «الإخوان المسلمين»



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
 العرب اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
 العرب اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية

GMT 18:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab