على مسؤوليتي في عيادة اخصائي ذهني

على مسؤوليتي في عيادة اخصائي ذهني

على مسؤوليتي في عيادة اخصائي ذهني

 العرب اليوم -

على مسؤوليتي في عيادة اخصائي ذهني

بقلم - حسن البصري

كل الذين تابعوا مخاض الإعداد الذهني للرياضيين في المغرب، وقفوا على حقيقة لا تتناطح حولها عنزتان، هي الرفض الذي يقابل به المعد النفسي داخل عشيرة الرياضة المغربية، فهو مرفوض من المسؤول الذي ينظر إليه كراتب إضافي، مرفوض من المدرب لأن رفيق كل من سقط من مفكرته، مرفوض من اللاعب أيضا لأنه في اعتقاده مجرد فضولي يحاول عبثا اختراق الحدود والغوص في دواخله، مرفوض أيضا من مكونات الطاقم الطبي لأنه يعالج بالإصغاء، ولا يحمل وزر الأعطاب البدينة.

يصرف رؤساء الفرق الرياضية النظر عن المعد الذهني، لأنهم يؤمنون بأن اللاعبين كائنات بأذهان معطلة، وأجهزة إلكترونية تشتغل حين تدس في جوفها قطعا نقدية، لذا فالمسؤول أحوج بحصص التحضير النفسي من اللاعب أحيانا، والحصيلة معد ذهني واحد لـ16 فريقا في قسم الصفوة.

استعان فريق الوداد البيضاوي بطبيب نفساني قبل مباراة حارقة بالجزائر، قال له رئيس البعثة إن المباراة ذات حساسية سياسية مفرطة، ولدينا لاعب يعاني من قلق ويميل إلى الانزواء، وقد يسقط في فخ الشرود الذهني. في عيادة صغيرة بفندق الأوراسي بالعاصمة الجزائرية، اختلى المعد الذهني باللاعب في غفلة من الجميع، طلب من منه أن يغمض عينيه ويرسل زفيرا من أعماقه، ألح عليه بإمساك كرة واحتضانها ولمس جلدها وتقبيلها، بدا وكأن اللاعب ينسج علاقة مع كرة محشوة بالهواء، لكنها قادرة على إنتاج المشاعر المتناقضة، حب وكراهية فوز وخسارة ودمعة وابتسامة انتصار وهزيمة خير وشر..

فاجأ المعد النفسي رئيس البعثة بجاهزية اللاعب وقدرته على الانصهار داخل المجموعة، ودعاه لوجبة عشاء على مائدة الرئيس، كانت الوصفة شفوية تتلخص في القطع مع موسيقى الصخب والمنع من ولوج الفضاء الأزرق بعد العاشرة مساء، وتغيير موجات المذياع واستبدال لون القمصان الداكن، وعلى مائدة الرئيس عبر المعد الذهني عن استهجانه من تصاميم قمصان اللاعبين وقال إنها مضرة بالعين.

قبل مباراة ديربي بين الرجاء والوداد استعان الفريق الأخضر بمعد ذهني، التحق بمقر إقامة النادي في فندق لمزامزة بسطات، بعيدا عن ضغط الشارع البيضاوي الذي كان يدس الجمر تحت رماد مباراة استثنائية، حمل المعد النفسي مطرقة خشبية وشرع في طرق صدر كل لاعب ضربات خفيفة وكأن به مس من جن، لم يفهم أحد المغزى من تلك الطرقات الناعمة، وأطلقوا على المعد لقب “أبو مطرقة”.

لكن المعد النفسي أصر على استنطاق الصدور، وعقد جلسات مع اللاعبين والمدربين والمكلف بالأمتعة والسائق، قبل أن يكتشف أن السؤال الذي يحير الجميع هو تأخر الراتب والمنح والحوافز، فاتح صاحبنا الرئيس في الموضوع وطلبه بعقد اجتماع مع اللاعبين وانتشالهم من بركة القلق، فاستجاب على مضض ودمر في ساعة ما رممه المعد الذهني، حين ردد مقاطع من الخطبة التي ألقاها القذافي فور اندلاع الثورة، واستعار لازمة “من أنتم”، التي تدل على نوع من ضلالات العظمة والنرجسية المفرطة. قبل أن يصطدم مع أحد لاعبي الرجاء ويتهمه بالمداومة على السجود كلما سجل هدفا، وشكك في انتمائه لفصيل متشدد، خاصة بوجود لحية في طور النمو.

حاول المعد النفسي إطفاء لهيب الصراع عبثا، وتبين أن نجاحه في مهمته يتطلب مسؤولا يفهمه ويدعمه، كي لا يخرج المعد من المعسكر حاملا لأوجاع التوتر، وقرر أن يعقد سلسلة من الاجتماعات مع اللاعبين البدلاء الذي يشتكون من “تنمل” الأطراف بسبب مقامهم الطويل على دكة البدلاء. كما اقترح عقد جلسات مع شعراء المدرجات ورئيس الكورال الغنائي ليمنحه لائحة الأهازيج الممنوعة من الصرف.

استعان الفاسي الفهري يوما بأخصائي ذهني لترميم معنويات الحكام، وفي جلسات الاستماع اشتكى حكم الشرط، من تجاهل حكم الوسط لقراراته، بينما ظل هاجس تأخر المستحقات المالية وجعا جاثما على النفوس، إذ لا نجاعة لوصفات المعد الذهني إلا إذا ذهن المسيرون حلق اللاعب بدراهم أخطأت موعدها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على مسؤوليتي في عيادة اخصائي ذهني على مسؤوليتي في عيادة اخصائي ذهني



GMT 12:18 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

فريق لكل وزير

GMT 12:43 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

ملاعب منسية

GMT 12:21 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

سونارجيس

GMT 12:54 2018 الخميس ,31 أيار / مايو

على مسؤوليتي فتاوى على سبيل الاستئناس

GMT 09:00 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

على مسؤوليتي المفتش كرومبو

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:28 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
 العرب اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 العرب اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 10:20 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

GMT 14:28 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 08:39 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع أسعار النفط مع هبوط الدولار

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 18:13 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

«باش جراح» المحروسة

GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab