السيسي وأركان السلطان 2

السيسي وأركان السلطان (2)

السيسي وأركان السلطان (2)

 العرب اليوم -

السيسي وأركان السلطان 2

محمد فتحي

بدأت قبل أيام من إجراء الاستحقاق الثاني في خارطة الطريق المصرية وانتخاب الرئيس والذي أسفر عن فوز ساحق للمشير عبد الفتاح السيسي على منافسه حمدين صباحي الذي خرج من السباق بنتيجة مهينه لتاريخه السياسي ,وكانت كلماتي موجة إلى الرئيس المقبل في مقال "أركان السلطان "ورئيس مصر المقبل , ولقد تناولت شرح أخر أجزاء كلمات أبو جعفر المنصور في حديثه عن الأركان الأربعة لبقاء الحكم وأعود واذكر القارئ بما قاله المنصور , إذ قال " ما كان أحوجني أن يكون على بابي أربعة لا يكون على بابي أعف منهم. قيل: من هم يا أمير المؤمنين؟ قال: هم أركان الملك لا يصلح الملك إلا بهم، كما أن السرير لا يصلح إلا بأربع قوائم، فإن نقص قائمة واحدة عابه: أحدهم قاض لا تأخذه في الله لومة لائم، والآخر صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي، والآخر صاحب خراج يستقضي ولا يظلم الرعية فإني غني عن ظلمهم. ثم عض على إصبعه السبابة ثلاث مرات يقول في كل مرة: آه آه؟ قيل: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: صاحب بريد يكتب بخبر هؤلاء على الصحة".
ولتكن بدايتي من حيث بدأ الخليفة أبو جعفر المنصور الحديث ,حينما قال " أحدهم قاض لا تأخذه في الله لومة لائم" فالمنصور بدأ بالركن الأهم والاقوي ,الذي يعد حجر الأساس لأي بناء وهو القضاء فالقضاء هو الذي يؤسس لدولة العدل ودولة العدل قائمة إلي قيام الساعة لا تتغير ولا تتبدل ,وأما دولة الظلم قوامها ساعة وان طالت ,وفي التاريخ دروس وعبر عن بقاء الحق وزوال الظلم لا يتسع المقام لذكرها ,وبعيد عن الكلمات التي يستخدمها الإعلام المصري عند الحديث عن القضاء الذي يحاول توضيح صورته علي انه خال من العيوب، وهذا على غير الحقيقة، وهناك أحكام قضائية عديدة شابها العوار وكان الحكم لا يتحدث عن الحقيقة وبدأ الناس يأخذون عن القضاء صورة مغايره للأحاديث الإعلامية عنه ولم يعد الحكم عنوان الحقيقة كما يرددون , وبدأ القضاة بالخروج عن صمتهم الذي يضعهم في دائرة الوقار وهو صمت ينظمه القانون وأصبحوا نجوم فضائيات يتحدثون في شان العامة وهم لا يزالون على منصة القضاء ,فوجدنا قضاه يحللون أمور الحكم والسياسية وهناك قضاة يحكمون في 300 قضية في اقل من ساعتين دون أن يعرفوا أنهم يحددون مصائر ناس تعلق أمالها على عدلهم. وأصبحت درجات التقاضي مختلفة مع أن القضية واحدة والحكم مغاير، وأصبح الناس مدانين إلى أن يصلوا إلى محكمة النقض التي تحاكم القانون وكل أحكامها تنصف المظلوم وتتم تبرئته بعد سنوات من العذاب .
ومع ذلك نجد البداية الحقيقية للقاضي من الثانوية العامة عندما يلتحق بكلية الحقوق التي كانت في السابق من كليات القمة ولكن التنسيق جعلها تتذيل القائمة وتقبل من اقل الدرجات، وبعد سلسله من الدراسة النظرية ويتخرج الطلاب منها يبدأ فصل جديد من عدم تكافؤ الفرص فتجد أصحاب المهارات الخاصة والمتفوقين بعيدون عن السلك القضائي ,بعد سلسله من الشروط القاسية التي يدفع ثمنها أبناء الطبقات الكادحة فهناك كشف الهيئة المعروف في كليات القمة "الصفوة" المصرية مثل الشرطة والحربية والجوية واختبارات النيابة العامة ,فهل تصدق أن هناك طلاباً متفوقين وحاصلين على اعلى درجات التقديرات ويتم استبعادهم لان والديهم لم يحصلوا على مؤهلات عليا. وهناك نماذج تحاكي الواقع وخرجت في وسائل إعلام متعددة وعرضت مشكلتها، ولكن يبقي الوضع على ما هو علية ,ففي مصر كل منا يخرج على شاكلة والده "فالطبيب لا ينجب إلا طبيبا والقاضي لا ينجب إلا قاضياً والضابط لا ينجب إلا ضابطاً."
في ظل كل ما سبق ونحن نتحدث عن العدل في ظروف قاسيه أفرزتها سنوات طويلة من غياب العدالة الاجتماعية، وحتى يصل رئيس مصر إلى بناء الركن الأهم والاقوى في بناء الدولة الحديثة دولة العدل، لابد أن تتم مراجعة أمور كثيرة في شان تعيين القضاة وفي شان العدالة وسيرها وان يكون القاضي كلاما واقعيا في حياتنا ,فهناك مئات ألاف من القوانين المهمة والتي تنصف العدل لم يتم تفعليها، وأصبح الاجتهاد والرأي الشخصي والقناعة هي التي تعول عليه العدالة في مصر وهو محل شك بلا جدل .
حتى نصل إلى قاضٍ يقيم أمور العدل ويتجنب الحديث في الشأن السياسي وتكون لدية قدر كبير من الحكمة والعلم والفراسة، نحتاج إلى مراجعة كل القوانين وكل آليات وصول القاضي إلى منصبة. أتمني من الرئيس ان ينظر بعين ثاقبة إلى الركن الأول وسوف أكمل الحديث في باقي الأركان أن شاء الله ...حفظ الله مصر وقيادتها من كل سوء .

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيسي وأركان السلطان 2 السيسي وأركان السلطان 2



GMT 14:19 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

العراق فاتحاً ذراعيه لأخوته وأشقائه

GMT 10:32 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 14:36 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:09 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 20:31 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 12:52 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

قرار المحكمة الصهيونية مخالف للقانون الدولي

GMT 18:56 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 10:35 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 07:17 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

جامعات أمريكا وفرنسا

GMT 07:22 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 07:28 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 01:01 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الثالثة غير مستحيلة

GMT 00:33 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

بريطانيا... آخر أوراق المحافظين؟

GMT 07:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 00:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab