مع انطلاق المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، التي تبدأ الجمعة بتصويت المصريين في الخارج على مدى يومين، لا يزال الجدل يتصاعد على وقع قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» إبطال نتائج 19 دائرة بالكامل أو جزئياً خلال المرحلة الأولى، بسبب «خروقات مؤثرة»، وُصفت بأنها «غير مسبوقة» في الاستحقاقات البرلمانية الأخيرة.
الارتدادات السريعة للقرار فجّرت موجة من الاعتذارات والانسحابات داخل أحزاب ودوائر انتخابية متعددة. ففي تطور لافت، أعلن المرشح عن دائرة الجيزة كمال الدالي، وهو أحد أبرز قيادات حزب «الجبهة الوطنية»، انسحابه من جولة الإعادة وتقديم استقالته من الحزب، مساء الأربعاء.
واعتبرت قيادة الحزب أن الانسحاب «قرار شخصي»، فيما نفى الأمين العام للحزب السيد القصير، مساء الأربعاء، أن يكون محمد مصطفى سليم، من محافظة أسوان بجنوب البلاد، الذي راجت أنباء عن استقالته، مرشحاً للحزب من الأساس.
في مقابل ذلك، نفى المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، وجود أي انسحابات مماثلة داخل حزبه.
وبالتزامن مع دخول البلاد مرحلة الصمت الانتخابي، الخميس، قبيل المرحلة الثانية، طلبت «الهيئة الوطنية للانتخابات» برئاسة المستشار حازم بدوي من الأحزاب تقديم كشف تفصيلي بحجم إنفاقها على الدعاية الانتخابية. وأوضح مصدر حزبي أن هذا جاء خلال اجتماع موسع بين الهيئة وممثلي الأحزاب لمناقشة ضوابط الدعاية وضمان انضباط العملية الانتخابية.
وانعكس اتساع نطاق المخالفات التي رصدتها «الهيئة الوطنية» انعكاساً مباشراً على حجم الطعون المتزايد، التي وصل عددها حتى عصر الخميس إلى 194 طعناً، وفق وسائل إعلام محلية.
وأكد أحمد مجدي، عضو أمانة الإعلام بحزب «التجمع»،، أن إبطال نتائج 19 دائرة «قد يشجع مزيداً من المستقلين والأحزاب الصغيرة على كشف أي انتهاكات أو رشاوى انتخابية»، معتبراً أن المرحلة الثانية «تمثّل فرصة لتعزيز الرقابة المجتمعية»، لكنها في الوقت نفسه «تضع عبئاً إضافياً على الأحزاب التي طالتها المخالفات خشية الإلغاء».
ولفت إلى أن دخول الرئيس عبد الفتاح السيسي على خط الأزمة وتوجيهه هيئة الانتخابات للتحقيق في المخالفات، ثم إبطال الهيئة نتائج عدد كبير من الدوائر «يمثل خطوة غير مسبوقة»، لكنه أكد في الوقت ذاته أن «الإصلاح لن يتحقق سريعاً؛ فالمشهد يحتاج وقتاً ووعياً سياسياً أوسع».
أما النائب البرلماني السابق، هيثم الحريري، فذهب أبعد من ذلك، معتبراً عبر صفحاته الرسمية بمنصات التواصل الاجتماعي أن «إلغاء الانتخابات بالكامل أفضل لمصر والمصريين»، وسط مخاوف من تكرار الانتهاكات في المرحلة الثانية.
وتشمل المرحلة الثانية 13 محافظة، من بينها القاهرة والشرقية والغربية والدقهلية والسويس، ويحق لـ34 مليون ناخب التصويت فيها، في حين يخوض المنافسة 1316 مرشحاً تحت إشراف 9200 قاضٍ من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة.
كانت «هيئة الانتخابات» قد أعلنت، الثلاثاء، إبطال نتائج الدوائر الـ19 في 7 محافظات بعد رصد مخالفات شملت «فرزاً مبكراً» قبل انتهاء التصويت، وتجاوزات أمام اللجان، ومقاطع مصورة أثارت جدلاً واسعاً، بينها فيديو لمرشح في البحيرة يستغيث بالرئيس، وآخر من دائرة المنتزة بالإسكندرية يوثق «فرزاً قبل غلق الصناديق»، وهو ما أقرّت به «الهيئة» التي قررت استبعاد الصندوق المطعون عليه.
ورغم اتساع دائرة الطعون، يستبعد محللون حدوث تغيّر جوهري في المرحلة الثانية.
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق،، إن المشهد «يفتقر إلى معارضة حقيقية»، وإن كثيراً من المرشحين «لا يملكون برامج سياسية واضحة أو حضوراً مؤثراً، وهو ما يُفقد العملية جزءاً من زخمها الطبيعي».
ومع استمرار الجدل حول نزاهة المرحلة الأولى، تبدو المرحلة الثانية أمام اختبار معقد، في ظل تراكم الملاحظات القانونية، وتوسع الطعون والشكاوى، وتزايد المطالبات بفتح ملفات «أموال الدعاية الانتخابية» والرقابة على العملية.
ورغم استعداد الأحزاب للمرحلة الثانية، وبدء «الصمت الانتخابي»، تبقى التساؤلات قائمة حول قدرة المنظومة على استعادة ثقة الناخبين وضمان تعبير حقيقي عن إرادتهم، في واحدة من أكثر الانتخابات البرلمانية إثارة للجدل خلال السنوات الأخيرة، بحسب مراقبين.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب المصري
تعزيزات أمنية عشية انتخابات مجلس النواب المصري وسط تفاؤل بمشاركة عالية بعد تصويت لافت للمغتربين
أرسل تعليقك