في ظل تزايد عدد الأشخاص الذين لا يستجيبون لمضادات الاكتئاب التقليدية أو يعانون من آثارها الجانبية المزعجة مثل زيادة الوزن، يتجه الاهتمام الطبي والبحثي نحو بدائل طبيعية أكثر لطفاً على الجسم.
من بين هذه البدائل، برز كل من الزعفران والكركم كمكملين غذائيين يملكان خصائص قد تُحسّن الحالة المزاجية وتقلل أعراض الاكتئاب والقلق.
ورغم أن هذه النباتات الموجودة في كل مطبخ تقريباً، ولطالما استُخدمت في الطب الشعبي، فإن الأبحاث العلمية الحديثة بدأت تلقي الضوء على فعاليتها وآلية عملها المحتملة في الدماغ.
ويعرض تقرير لموقع «فيريويل هيلث»، ما يقوله العلم عن الزعفران والكركم وما مدى أمان استخدامهما، وهل يمكن أن يشكلا خياراً فعّالاً لبعض المرضى؟
أوجه شبه لتأثير الزعفران والكركم على الدماغ
يزيدان النواقل العصبية في الدماغ: يُعزز الزعفران والكركم مستويات هرمونات السعادة مثل السيروتونين والدوبامين.
يحميان الدماغ: يعمل كلاهما على تقليل الالتهابات في الدماغ والحبل الشوكي، والتي ترتبط بالاكتئاب وأمراض نفسية أخرى كالفصام والقلق، كما يساعدان في حماية خلايا الدماغ من التلف الناتج عن الجذور الحرة.
يدعمان قدرة الدماغ على التكيّف مع التوتر: قد تساعد مكونات الزعفران والكركم في تكوين مسارات دماغية جديدة تُنظم المزاج وتُخفف من التوتر.
ما الاختلافات بين الزعفران والكركم؟
ومع ذلك، هناك اختلافات مهمة بين الزعفران والكركم من حيث الجرعات والآثار الجانبية المحتملة، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار عند التفكير في دمجهما ضمن الروتين اليومي.
الزعفران: فعالية محتملة ومخاطر محدودة
يُعد الزعفران (Crocus sativus) من التوابل الغنية بمضادات الأكسدة، وله خصائص مضادة للالتهاب، ويُستخدم تقليدياً لعلاج مشكلات الجهاز التنفسي والالتهابات.
أظهرت عدة تجارب سريرية صغيرة أن الزعفران فعّال في علاج الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط بقدر فاعلية مضادات الاكتئاب التقليدية مثل فلوكسيتين (Prozac)، سيتالوبرام (Celexa)، وسيرترالين (Zoloft). كما أشارت بعض الدراسات إلى فعاليته في تقليل أعراض القلق، مقارنةً بأدوية مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين (SSRIs).
لكن الخبراء يؤكدون ضرورة إجراء المزيد من الدراسات قبل اعتماده كعلاج موثوق.
الجرعة الموصى بها
تمت دراسة الزعفران في تجارب سريرية بجرعات تتراوح بين 30 إلى 100 ملغ يومياً لمدة تصل إلى 12 أسبوعاً.
هل الزعفران آمن؟
عادة ما تكون الآثار الجانبية للزعفران خفيفة، وتشمل الغثيان، والصداع، وجفاف الفم، ونقص الشهية.
ولا يُنصح باستخدام الزعفران أثناء الحمل لعدم توفر بيانات كافية حول سلامته.
كذلك، قد يزيد الزعفران من خطر النزيف، خاصة عند تناوله مع مميعات الدم مثل الورفارين (Coumadin)، كما يمكن أن يتداخل مع إنزيمات الكبد المسؤولة عن استقلاب الأدوية.
ولا تتوفر بعد دراسات كافية حول سلامة استخدام الزعفران لأكثر من 12 أسبوعاً.
الكركم (الكركمين): بديل واعد لكنه ليس خالياً من المخاطر
الكركم (Curcuma longa) هو بهار شائع في المطبخ، ويُستخدم في الطب التقليدي لعلاج التهابات المفاصل، وآلام المعدة، وبعض أنواع العدوى. أما المركب الفعّال فيه فهو الكركمين.
وأظهرت دراسات سريرية أن الكركمين، سواء بمفرده أو كمكمل لأدوية الاكتئاب التقليدية، قد يُساعد في تحسين أعراض الاكتئاب والقلق. ورغم أن النتائج واعدة، فإن العديد من هذه الدراسات صغيرة، ولا يزال هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث.
في إحدى الدراسات الصغيرة، أظهر الكركمين فعالية مماثلة لعقار فلوكسيتين (Prozac)، لكن لم تُجرَ مقارنات موسعة بين الكركمين ومضادات الاكتئاب المعروفة.
الجرعة الموصى بها
تراوحت الجرعات المستخدمة في الدراسات بين 500 و1500 ملغ يومياً، لمدة تصل إلى 12 أسبوعاً. ولا توجد حتى الآن توصيات رسمية بجرعة محددة.
هل الكركم والكركمين آمنان؟
تم ربط الكركمين بحالات إصابة بالكبد. ومن أعراض ذلك التعب، والغثيان، واصفرار الجلد والعينين، والبول الداكن. ويجب التوقف فوراً عن استخدامه عند ظهور هذه الأعراض.
وقد تشمل الآثار الجانبية الأخرى الغثيان، والتقيؤ، والإسهال. كما لا يُنصح باستخدامه للحوامل لعدم توفر معلومات كافية حول أمانه.
والكركمين أيضاً قد يزيد من خطر النزيف لدى من يتناولون مميعات الدم، كما يمكن أن يُعزز تأثير بعض المضادات الحيوية وأدوية السرطان ومضادات الالتهاب، مما قد يرفع خطر الآثار الجانبية.
ونظراً لوجود مخاطر محتملة مثل تلف الكبد، يُنصح بعدم استخدام الكركم والكركمين لأكثر من 3 أشهر متواصلة.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك