غزة ـ العرب اليوم
بعد عامين من اندلاع الحرب في غزة، تغيّر المشهد في الشرق الأوسط بشكلٍ عميق وشامل، حيث لم تقتصر تداعيات الصراع على الحدود الفلسطينية فحسب، بل امتدت لتطال العلاقات بين القوى الإقليمية والدولية، وأعادت ترتيب موازين القوة والنفوذ في المنطقة.
فقد أظهرت الحرب هشاشة التحالفات التقليدية، ودفعت عدداً من الدول إلى إعادة حساباتها تجاه القضية الفلسطينية وإسرائيل، في ظل تحولات في الرأي العام العربي والدولي. ومع استمرار العمليات العسكرية لفترات طويلة، تصاعدت الضغوط الإنسانية والاقتصادية، وازدادت الدعوات لإيجاد حلول سياسية دائمة بدلاً من المعالجات المؤقتة التي أثبتت فشلها عبر العقود.
إقليمياً، ساهمت الحرب في تعزيز التقارب بين بعض الدول العربية والإسلامية التي أعادت التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في سياساتها الخارجية. في المقابل، حاولت أطراف أخرى الموازنة بين علاقاتها الدولية ومصالحها الإقليمية، مما أدى إلى بروز خطوط توازن جديدة غير واضحة المعالم بعد.
أما على الصعيد الدولي، فقد اتسع الجدل حول دور القوى الكبرى في إدارة الصراع، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسط صعود واضح للتأثير الآسيوي، سواء من الصين أو من القوى الإقليمية الصاعدة مثل تركيا وإيران. هذه التغيرات خلقت واقعاً جديداً تُعاد فيه صياغة معادلات النفوذ، وتُختبر فيه قدرة التحالفات القديمة على البقاء.
اقتصادياً، انعكست الحرب على أسواق الطاقة وسلاسل الإمداد، وأثّرت على الاستقرار في ممرات التجارة العالمية، مما جعل الشرق الأوسط مجدداً محوراً رئيسياً في المعادلات الاقتصادية الدولية. كما ألقت بظلالها على المجتمعات المحلية، حيث تصاعدت الأزمات المعيشية وارتفعت معدلات النزوح والهجرة، لتشكّل عبئاً إضافياً على دول الجوار.
اليوم، وبعد عامين من القتال المستمر، لا يبدو أن نهاية الحرب قريبة، لكن الواضح أن المنطقة لم تعد كما كانت قبلها. فغزة لم تكن مجرد ساحة معركة، بل نقطة تحوّل في الوعي السياسي والإنساني للشرق الأوسط بأكمله، إذ دفعت الجميع إلى إدراك أن أمن واستقرار المنطقة لا يمكن فصله عن العدالة والكرامة والحقوق الأساسية للشعوب.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي على رفح إلى 30 فلسطينياً و150 مصاباً
السويد والنرويج تنتقدان إسرائيل بسبب الوضع الإنساني في غزة
أرسل تعليقك