عنترة بن شداد ينشد أشعاره بالإنجليزية والرومانسية الأوروبية تخاطب العربية
آخر تحديث GMT10:18:53
 العرب اليوم -

قامت جامعة نيويورك بإصدار الترجمة الرابعة لمعلقته "الذهبية"

عنترة بن شداد ينشد أشعاره بالإنجليزية والرومانسية الأوروبية تخاطب العربية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - عنترة بن شداد ينشد أشعاره بالإنجليزية والرومانسية الأوروبية تخاطب العربية

عنترة بن شداد
نيويورك - العرب اليوم

حين تكون حركة الترجمة في أي ثقافة في حالة صحية، فإنها تتحرك مثل بندول ساعة منتظم جيئة وذهاباً بين قطبين هما: اللغة المنقول منها (اللغة الأصل) واللغة المنقول إليها (اللغة الهدف)، بما يخصب كلتا اللغتين. وخلال هذا العام صدر كتابان يتحركان في هذين الاتجاهين: أحدهما ترجمة إنجليزية لشاعر عربي قديم من القرن السادس الميلادي هو عنترة بن شداد، والآخر ترجمة عربية لطائفة من قصائد الشعر القصصي الرومانسي الإنجليزي تمتد زمنياً منذ نهاية القرن الثامن عشر إلى مطلع العقد الرابع من القرن التاسع عشر.

الكتاب الأول يحمل عنوان: «أغنيات الحرب» ويضم ترجمة لمعلقة الشاعر الجاهلي عنترة؛ ومطلعها:

هل غادر الشعراء من متردم

أم هل عرفت الدار بعد توهم؟

وقد نقلها إلى الإنجليزية جيمس أ.مونتغومري، وصدرت عن مطبعة جامعة نيويورك في 241 صفحة.  وهي رابع ترجمة إنجليزية لهذه المعلقة؛ إذ سبق أن قدم المستشرق ويليام جونز أول ترجمة لها في أواخر ثمانينات القرن الثامن عشر، ثم تلتها ترجمة الشاعر والمستشرق ألفريد سكاون بلنت، ثم ترجمة المستشرق ج.أ. آربري (ثمة أطروحة دكتوراه ممتازة في المقارنة بين هذه الترجمات قدمتها لجامعة القاهرة الدكتورة هدى شكري عياد ابنة القاص والناقد المصري الكبير في أواخر القرن الماضي).

مكانة عنترة في التراث الأدبي العربي راسخة، فهو أحد شعراء المعلقات السبع (دعيت معلقته «القصيدة الذهبية») وفي المخيلة الشعبية أيضاً. هناك السير الشعبية عنه مثل سيرة بني هلال والزناتي خليفة، والظاهر بيبرس، وهناك في القرن العشرين أعمال أدبية تستوحيه مثل مسرحية أحمد شوقي الشعرية «عنترة»، وكتاب محمود تيمور «ويك عنتر»، ورواية محمد فريد أبو حديد «أبو الفوارس عنترة بن شداد»، وكتاب شكري عياد ويوسف نوفل «عنترة الإنسان والأسطورة». وفي بغداد يقوم تمثال له من صنع ميران السعدي.

اقرأ أيضا:

رحيل فارس الترجمة والشعر المصري بشير السباعي

ما نعرفه عن شخص عنترة التاريخي قليل (لا يأتي كتاب «الأغاني» للأصفهاني إلا على سيرة موجزة له؛ بل إن البعض قد شكك في وجوده التاريخي أصلاً، وذهب آخرون إلى أن طول المعلقة المنسوبة إليه يوحي بأنه قد أضيفت إليها أشياء من نظم شعراء لاحقين. وما يرويه رواة مثل حماد الراوية الفارسي غير موثوق به)، لكن القليل الذي وصل إلينا منه يقول إنه ينتمي إلى قبيلة عبس في وسط جزيرة العرب، وإنه ولد لأب عربي وأم جارية سوداء، وإنه في شبابه كان عبداً راعياً للأغنام، ثم برز بشجاعته في حرب داحس والغبراء بين قبيلة عبس وقبيلة ذبيان، وإنه كان يعشق ابنة عمه عبلة. ويقال إنه لقي مصرعه في غارة على قبيلة طيئ، وإن كان الأصفهاني يورد روايات مختلفة عن مصرعه.

وترجمة مونتغومري تضع تحت أنظار قارئ اللغة الإنجليزية في الألفية الثالثة هذا الشاعر العاشق الفارس الذي غبر عليه نحو 15 قرناً. لقد دعا المستشرق الإنجليزي مؤرخ الأدب العربي ر.أ. نيكلسون عنترة «أخيل البادية» مشبهاً إياه بالبطل الإغريقي الذي سدد رمحه إلى هيكتور الطروادي فأرداه قتيلاً.

ولكن أمير حسين راجحي في مقالة له بـ«ملحق التايمز الأدبي»، في 12 أبريل (نيسان) 2109، يذهب إلى أن عنترة أقرب إلى بطل إغريقي آخر هو يوليسيز (أوديسيوس) واسع الحيلة، فشعر عنترة هو «الحيلة» التي يتوسل بها إلى إثبات وجوده وجدارته بيد محبوبته وإقرار مكانته في السلم الاجتماعي وتحوله من العبودية إلى الحرية.

الكتاب الثاني عنوانه: «نصوص من الشعر القصصي الرومانسي الإنجليزي» (المركز القومي للترجمة بالقاهرة) للدكتور محمد عناني أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة وأقدر من يترجم الشعر شعراً في يومنا هذا.

يضم الكتاب 5 قصائد ذات أجواء أسطورية وقروسطية هي: «الملاح الهرم» لكولردج، و«لاميا أو الأفعوانة» لكيتس، و«الحسناء القاسية القلب» لكيتس، و«الاستر أو روح العزلة» لشلي (تتحول كلمة «العزلة» بفعل خطأ طباعي في فهرس الكتاب إلى «الغزالة»)، و«حسناء جزيرة شالوت» لألفريد تنسون، مع مقدمة وتعريفات بالقصائد. وينتهي الكتاب بالنصوص الإنجليزية الكاملة للقصائد المترجمة على نحو يتيح للقارئ أن يعارض الترجمات على الأصل.

ولكي تعرف الإضافة التي تضيفها هذه الترجمات الشعرية قارنها بترجمات نثرية سابقة. لقد ترجم ماهر شفيق فريد مثلاً طرفاً من قصيدة تنسون «سيدة شالوت» في كتابه «قاعة من المرايا» (2011) وهاك طرفاً من ترجمته: «راقدة في ثوب أبيض كالثلج - يتطاير فضفاًضا شمالاً ويميناً - وأوراق الشجر تسقط عليها خفيفة - خلال ضوضاء الليل - انساقت متجهة إلى كاميلوت - وإذ تعرجت مقدمة القارب - بين التلال المكسوة بأشجار الصفصاف والحقول - سمعوها تغني أغنيتها الأخيرة - سيدة شالوت».

كيف تجد هذه الترجمة؟ إني أجدها الآن (وقد جعلني مر الغداة وكر العشية كضيف العرس في قصيدة «الملاح الهرم» أكثر حكمة وأشد حزناً) ترجمة مائية! أعني أنها كالماء بلا لون ولا طعم ولا رائحة. إنها تخلو من عنصر الموسيقى؛ وإذا غابت الموسيقى فقل على الشعر السلام. ولكن أنفاس الحياة لا تلبث أن ترف على هذه الأبيات وتضخ الدماء في عروقها حين يحولها عناني إلى هذا الشعر: «كانت ترقد لابسة ثوباً في لون الثلج الناصع - وشمالاً ويميناً طارت أطراف الثوب الواسع - وعليها تتساقط أوراق الشجر الهفهاف - وسط الأصوات المألوفة لليل الرفاف - والقارب يطفو فوق الماء إلى كاميلوت - كان مقدم هذا القارب يتلوى بين الموجات - وأشجار الصفصاف على المرتفعات - تحتضن حقولاً عامرة ونبات - تسمع آخر تلك الأغنيات - من فم غادة شالوت».

لقد تراكم عبر السنين حصاد وفير من الترجمات العربية (أغلبها منثور وأقلها منظوم) للشعراء الرومانسيين الإنجليز: هناك ترجمات شعراء مدرسة أبولو مثل إبراهيم ناجي وعلي محمود طه ومختار الوكيل في ثلاثينات القرن الماضي، وترجمة لويس عوض لمسرحية شلي الغنائية «برومثيوس طليقاً» وقصيدته «أدونيس»، وترجمة عبد الرحمن بدوي العظيمة لقصيدة بايرون «أسفار أتشايلد هارولد» (يخفق عناني في تقدير مكانة بدوي مفكراً ومنشئاً ومترجماً، وهي نقطة عمياء مؤسفة لدى ناقد على مثل هذا الحظ من البصيرة والبصر)، وكتاب «الرومانتيكية في الأدب الإنجليزي» لعبد الوهاب المسيري ومحمد علي زيد (ثاني الرجلين خير من الأول وإن يكن اسمه أقل ذيوعاً).

وترجمة عناني تتويج لهذه الجهود السابقة ودفع بها إلى آماد أبعد وذراً أعلى؛ إذ اجتمع لديه ما لم يجتمع لغيره من علم أكاديمي ومعايشة طويلة للنصوص وذائقة شعرية وقدرة على التصرف في أعاريض الخليل والأخفش ومعرفة بأسرار الإنجليزية والعربية على السواء

قد يهمك أيضا:

صدور الترجمة العربية للرواية اليابانية "وسادة من عشب"

"زايد للكتاب" تعلن القائمة الطويلة لفرع "الترجمة"

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنترة بن شداد ينشد أشعاره بالإنجليزية والرومانسية الأوروبية تخاطب العربية عنترة بن شداد ينشد أشعاره بالإنجليزية والرومانسية الأوروبية تخاطب العربية



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - العرب اليوم

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 12:44 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 22

GMT 03:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:37 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:19 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

بيروت - جاكلين عقيقي

GMT 05:57 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:27 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:32 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:22 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:17 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:51 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 06:01 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 22:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

مبابي يُفاجئ باريس سان جيرمان بخطوة جريئة

GMT 04:33 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 18 أبريل / نيسان 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab