ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» في تقرير من كيب كانافيرال بفلوريدا، اليوم، أن العلماء تمكنوا من رصد ما يعتقدون أنه برق على كوكب المريخ، وذلك من خلال التنصّت على صوت الرياح الدوّارة التي سجّلها مسبار «بيرسيفيرنس» التابع لوكالة «ناسا».
فقد سجّل ميكروفون موجود على المسبار طقطقة ناتجة عن تفريغات كهربائية، بحسب ما أعلن فريق يقوده باحثون فرنسيون يوم الأربعاء.
وقد وثّق الباحثون 55 حالة لما أطلقوا عليه اسم «برق صغير» على مدى سنتين مريخيتين، معظمها خلال العواصف الترابية والزوابع الترابية. وحدثت معظم هذه الحالات في أكثر الأيام المريخية رياحاً، أثناء العواصف والدوامات الترابية.
بلغ قطر التفريغات الكهربائية بضعة سنتيمترات فقط، ووقعت على مسافة لا تتجاوز مترين من الميكروفون المثبّت أعلى سارية المسبار، وهو جزء من نظام يستخدم لفحص الصخور المريخية عبر الكاميرات والليزر. وتُسمع شرارات التفريغات — المشابهة للكهرباء الساكنة على الأرض — بوضوح وسط ضجيج هبّات الرياح وارتطام ذرات الغبار بالميكروفون.
وقال بابتيست شيديه، المؤلف الرئيسي للدراسة من معهد أبحاث الفيزياء الفلكية والكواكب في تولوز، إن العلماء بحثوا عن نشاط كهربائي وبرق على المريخ منذ نصف قرن.
وأوضح شيديه: «يفتح ذلك مجالاً جديداً تماماً من البحث في علوم المريخ»، مشيرًا إلى التأثيرات الكيميائية المحتملة للتفريغات الكهربائية. وأضاف: «يشبه الأمر إيجاد قطعة ناقصة من أحجية»، بحسب ما جاء في تقرير «أسوشييتد برس».
ورغم أن الأدلة قوية ومقنعة، فإنها تستند إلى جهاز واحد لم يكن مصممًا أصلاً لرصد البرق، بل لتسجيل أصوات الليزر أثناء فحص الصخور، وفق ما قاله دانيال ميتشاريد من جامعة كارديف، الذي لم يشارك في الدراسة. وأشار في مقال مرافق للدراسة في مجلة نيتشر إلى أن التفريغات الكهربائية سُمِعت ولم تُرصد بصرياً.
وقال ميتشاريد في رسالة إلكترونية: «إنه اكتشاف بالصدفة، حيث التُقطت أصوات لشيء آخر يجري في الجوار، وكل الدلائل تشير إلى أنه برق مريخي». لكنه أضاف أنه إلى أن يتم إرسال أجهزة جديدة للتأكد من النتائج، «ستظل هناك مناقشات بين العلماء حول ما إذا كان هذا بالفعل برقاً».
وقد سبق تأكيد وجود البرق على كوكبَي المشتري وزحل، وكان يُشتبه منذ زمن طويل بوجوده على المريخ.
ولرصد هذه الظاهرة، حلل شيديه وفريقه 28 ساعة من تسجيلات مسبار «بيرسيفيرنس»، وتمكنوا من توثيق حالات «برق صغير» اعتمادًا على الإشارات الصوتية والكهربائية.
وكانت التفريغات الكهربائية الناتجة من الزوابع الترابية سريعة، لا تتجاوز بضع ثوانٍ، بينما استمرت تلك الناتجة عن العواصف الترابية لمدة وصلت إلى 30 دقيقة.
وقال شيديه: «إنها تشبه عاصفة رعدية على الأرض، لكنها بالكاد تُرى بالعين المجردة، وتتميز بكثير من الشرارات الخافتة»، مشيرًا إلى أن الغلاف الجوي المريخي الرقيق والغني بثاني أكسيد الكربون يمتص كثيراً من الأصوات، ما يجعل بعض الشرارات بالكاد مسموعة.
وبحسب شيديه، فإن الغلاف الجوي للمريخ أكثر عرضة من نظيره الأرضي للتفريغ الكهربائي والشرر الناتج عن احتكاك حبيبات الغبار والرمال.
وكتب ميتشاريد في نيتشر: «تشير الأدلة الحالية إلى أنه من المستبعد جداً أن يتعرض أول إنسان يخطو على سطح المريخ لصاعقة برق أثناء غرس العلم». لكنه أضاف أن «التفريغات الكهربائية الصغيرة والمتكررة المشابهة للكهرباء الساكنة قد تشكل مشكلة للمعدات الحساسة».
وهذه ليست أول أصوات مريخية ينقلها مسبار «بيرسيفيرنس». فقد سبق أن استمع سكان الأرض إلى صوت عجلات المسبار وهي تطحن سطح المريخ، وإلى أزيز شفرات المروحية المرافقة «إنجينيويتي» — التي لم تعد قادرة على الطيران.
ويعمل المسبار منذ عام 2021 على استكشاف دلتا نهر جاف على المريخ، ويجمع عينات من الصخور بحثاً عن دلائل محتملة على حياة ميكروبية قديمة. وتخطط «ناسا» لإعادة هذه العينات إلى الأرض لتحليلها، لكن المهمة مؤجلة إلى أجل غير مسمى بينما تبحث الوكالة عن خيارات أقل كلفة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
نتائج دراسة تؤكد أن المريخ قديما كان باردا وجليديا
دراسة جديدة تكشف أن الصين تستعد للتغلب على ناسا للوصول إلى الكوكب الأحمر بسنوات
أرسل تعليقك