زيارة ثانية للاتفاق الثلاثي

زيارة ثانية للاتفاق الثلاثي

زيارة ثانية للاتفاق الثلاثي

 العرب اليوم -

زيارة ثانية للاتفاق الثلاثي

بقلم : خير الله خير الله

الاتفاق الثلاثي لوقف إطلاق النار في سوريا سيلقي بظلال إيجابية على المحادثات الدائرة في “جنيف 7”، بيد أنه لن يكون كافياً لإحداث الاختراق على هذا المسار “متعدد السلال”، فما زالت شروط التسوية الكبرى في سوريا، غير ناضجة بعد، سيما وأن هذه السلال الأربع: الدستور، الحكم والانتقال السياسي والانتخابات ومحاربة الإرهاب، محمّلة بكل عناوين الحل النهائي للأزمة.

والمؤكد أيضاً، أن الاتفاق الثلاثي سيلقي بظلال إيجابية كذلك، على بقية مناطق “تخفيف التصعيد” في سوريا، لكنه لن يكون كافياً لإحداث الاختراقات المشتهاة على أي منها، فالأزمة السورية العامة، باتت تتكون من مجموعة من الأزمات المستقلة نسبياً بديناميكياتها الخاصة، وبتعدد واختلاف الأطراف المتورطة فيها، وبتفاوت منسوب التورط والمصالح لكل الفاعلين الكبار من منطقة إلى أخرى.

ميزة الاتفاق الثلاثي أنه جمع لأول مرة القطبين الدوليين حول “تفاهمات مشتركة”، بعد أن بلغ التصعيد بينهما حد الوقوف على حافة الهاوية، فما كان منهما إلا أن تراجعا خطوة واحدة للوراء، خشية الانزلاق إلى قعر الهاوية، فالصدام بين الدولتين الكبريين، ليس مسموحاً، لا في سوريا ولا في غيرها ... اتفاق موسكو وواشنطن في جنوب سوريا، يفتح باباً للتعاون في بقية الملفات السورية، ويرسم سقوفاً لأدوار اللاعبين المحليين والإقليميين.

وما كان للاتفاق الثلاثي أن يخرج من رحم عملية أستانا، فواشنطن ليست طرفاً أصيلاً في هذه العملية (عضو مراقب فقط في المؤتمر)، ومن دونها لا يمكن الحديث عن “تخفيف التصعيد” لا في جنوب سوريا الغربي ولا في شرقها وشمالها الشرقي، ولا في جنوبها الشرقي كذلك، ثمة مناطق في هذا الشريط الواسع (الرقة، التنف على سبيل المثال)، سُيّجت بخطوط أمريكية حمراء، بوصفها ورقة في تعزيز مكانة واشنطن فيها بانتظار الحل النهائي.

وثمة عضوان في مسار أستانا غير مرغوبين من قبل واشنطن ولاعبين إقليميين آخرين: الأردن وإسرائيل، هما تركيا وإيران ومن غير المسموح لها بالتواجد على مقربة من خط الحدود الجنوبية الغربية لسوريا، ولذلك كان من الضروري البحث عن “ولادة من خارج رحم” العاصمة الكازاخية.

والاتفاق هبط برداً وسلاماً على الأردن، فله جملة من المصالح فيه، وهذا يفسر حماس الأردن الظاهر للاتفاق، بدءاً بتأمين الحدود وإبعاد مختلف المليشيات عنها، وصولاً لفتح معبر جابر – نصيب، وربما معبر آخر مقابل لمحافظة السويداء السورية، دع عنك قضية اللاجئين والآمال بإعادة مائتي إلى ثلاثمائة ألف منهم إلى بلادهم، يتحدرون من مناطق درعا وحوران وريف دمشق الجنوبي.

لكن الاتفاق لم يكن الصيغة الأفضل لإسرائيل، بيد أنها ليست قلقة منه ولا تناهضه، ولو أنها وضعت “فيتو” عليه منذ البداية، لما قبل واشنطن بالتوقيع عليه أصلاً ... مصلحة إسرائيل المقدمة على غيرها، هي إطالة أمد الحرب في سوريا، واستنزاف مختلف الأطراف المتورطة فيها حتى الرمق الأخير، على أن تل أبيب غير قادرة على فرض هذه الأجندة على الأمريكيين والروس وبقية الأطراف فآثرت الترحيب الحذر والمشروط بالاتفاق.

إسرائيل لم تكن ترغب في أن تكون طرفاً أصيلاً في الاتفاق، وربما لم تكن مشاركتها مرحبا بها، فهي محرجة لأطراف عديدة منها النظام والمعارضة والأردن بأقدار متفاوتة ... والسبب في ذلك أن تل أبيب تريد أن تُبقي لنفسها يداً طليقة في سوريا، تضرب أينما شاءت ووقتما شاءت، ولا أستبعد، بل أرجح، أن تقدم إسرائيل على توجيه ضربات إضافية للجيش السوري وحزب الله، في المناطق الجنوبية والعمق السوري، ومن باب الاستعراض والبرهنة على أنها ليست ملزمة بتفاصيل الاتفاق الثلاثي، لأنها ببساطة ليست طرفاً رسمياً فيها، مع أنها طرف فاعل فيه، حتى وإن لم تجلس على الطاولة.

للاتفاق فرص كبيرة للنفاذ والترجمة والبقاء على قيد الحياة، ربما لم يمتلك أي اتفاق سابق الفرص ذاتها، بما في ذلك اتفاقي شباط وأيلول 2016 بين موسكو وواشنطن لتخفيف التصعيد في كل سوريا ... لكن الاتفاق سيواجه بالكثير من العراقيل الكبرى، التي واجهتها الاتفاقات السابقة، ولعل أهمها على الإطلاق، صعوبة الفرز بين جبهة النصرة، المصنفة إرهابية في اللوائح السوداء لجميع الدول والمنظمات الدولية من جهة، وبقية فصائل الجبهة الجنوبية البالغ عددها خمسين فصيلاً، بعضها شديد الارتباط والاعتمادية على النصرة من جهة ثانية... أما داعش، فثمة إجماع نادر على محاربته واستئصاله، وهو يحتفظ بنفوذ قليل ومحدود في حوض اليرموك على أية حال.

لا شك أن الأطراف التي وقعت الاتفاق مهتمة بتفاوت بتنفيذه، لكن للأردن مصلحة أكثر من غيره، في ترجمته على الأرض، وهذا يتطلب نشاطاً أردنياً إضافياً، مع الفصائل المحسوبة عليه من جهة، وبينها وبين النظام من جهة ثانية، وبين موسكو وواشنطن من جهة ثالثة، وعلى الأردن أن يقدم مصالحه على جدول الأعمال الثلاثي، فيجري العمل سريعاً لفتح المعابر الدولية مع سوريا، وتذليل أية عقبات تحول دون ذلك، يجب العودة لفكرة “المناطق الآمنة التوافقية” في سوريا لاستضافة اللاجئين في وطنهم وفوق أرضهم، على أن يسبقها جهد أردني في تسريع المصالحات المحلية في هذه المنطقة، والتي من دونها، سيبقى الاتفاق في مهب الريح، ومعه مصالح الأردن في سوريا ومعها.

المصدر : صحيفة الدستور

arabstoday

GMT 19:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

حرب أوكرانيا... واحتمال انتصار الصين!

GMT 18:51 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ردت إيران… لكنّ الثمن تدفعه غزّة

GMT 20:07 2024 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ردّت إيران... لكنّ الثمن تدفعه غزّة

GMT 12:09 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

مصير لبنان بعد حرب فرضتها إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة ثانية للاتفاق الثلاثي زيارة ثانية للاتفاق الثلاثي



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab