«حرب الجميع ضد الجميع» في سوريا

«حرب الجميع ضد الجميع» في سوريا

«حرب الجميع ضد الجميع» في سوريا

 العرب اليوم -

«حرب الجميع ضد الجميع» في سوريا

بقلم : عريب الرنتاوي

حتى إشعار قريب أو بعيد، سيظل مسار جنيف التفاوضي معطلاً أو معلقاً ... لا وقت للمفاوضات والمحادثات، فالكلام خلف الميكروفونات وفي الغرف المغلقة، لا قيمة له الآن، ولن يفضي إلى “مطرح” ... لغة السلاح وحروب الميدان، هي التي ستقرر فحوى وتوقيت ووجهة الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف ... هذا الوضع بالضبط، هو ما دفع ستيفان ديمستورا لإطلاق صيحة استغاثة، والطلب من موسكو وواشنطن، وعلى وجه الاستعجال، استنقاذ التهدئة المترنحة على مختلف جبهات القتال في سوريا، وقبل فوات الأوان.

بعد انهيار جولة المفاوضات الثالثة، بدا أن سوريا قد دخلت في مرحلة عنوانها “حرب الجميع ضد الجميع” ... كافة اللاعبين وجدوا في تعثر الدبلوماسية فرصة لاستنطاق السلاح ... الحوار من فوهة البنادق وليس عبر الميكروفونات، هكذا هي الحال على مختلف جبهات الحرب السورية المشتعلة، من حلب وإدلب مروراً بتل رفعت وانتهاء بالغوطة الشرقية.

ونبدأ بالنظام السوري وحلفائه أولاً، إذ عاد الحديث عن خطط لتعديل “جوهري” في توازنات القوى على الأرض، وربما حسم معركة حلب، والحسم هنا لا يعني بالضرورة، “تطهير أحياء المدينة الشرقية من رجس الجماعات المسلحة”، بل تقطيع أوصال هذه الجماعات وقطع طرق إمداداتها المفتوحة على “العمق التركي المعادي” ... النظام سائر على هذا الطريق، وبدعم نشط، وغير متردد من حلفائه، من موسكو إلى الضاحية الجنوبية، مروراً بطهران ... الأولى عادت لطرح مسألة إدراج “أحرار الشام” و”جيش الإسلام” في قوائم الإرهاب السوداء، والطيران الروسي يشاطر الطيران السوري طلعاته الجوية، فيما تواصل الثانية (طهران) تعزيز قواتها النظامية البرية في سوريا، ولأول مرة منذ انتصار ثورتها الإسلامية تدفع بوحدات من جيشها النظامي إلى خارج حدودها.

في المقلب الآخر من الحدود، وجدت تركيا من “يتفهم” مطالباتها القديمة – الجديدة، بإقامة “منطقة آمنة” بعمق مائة كيلومتر في شمال سوريا ... أردوغان تشجع بتصريحات أنجيلا ميركل المؤيدة لفكرته “الجهنمية” ... وطموحات السلطان انتعشت بقول باراك أوباما أنه لا يعارض “مبدئياً” الفكرة، وإن كانت متطلباتها “اللوجستية” و”العملانية”، الفائضة عن طاقة بلاده وحلفائها، تجعل منها أمراً غير واقعي ... ماذا لو عرض السلطان، ما يكفي من هذه “المتطلبات”، وهل سيتحول المشروع/ الطموح من فكرة مجردة إلى سيناريو قابل للتجسيد على الأرض؟ ... في هذه المناخات، وجدت أنقرة متسعاً من الوقت، وفسحة من الأمل، فأرسلت عبر حدودها بمئات المقاتلين من مختلف المرجعيات (الأصولية بالطبع) لقتال الأكراد في تل رفعت، سعياً للقضاء على “الجيب الإرهابي” الذي يقض مضاجع أنقرة ... لكن الرياح الكردية هبّت بما لا تشتهي أشرعة السلطان وسفنه.

على جبهتي إدلب وحلب وأريافهما المجاورة، وعلى مقربة من العاصمة دمشق، وجدت “النصرة” نفسها وجهاً لوجه مع “لحظة تسوية الحساب” ... قررت أن تفتح النار على خصومها، قبل أن تأتيها “طعنات الغدر” من دون استعداد ... أدركت النصرة أن “سيناريو المكلا” قابل للتنفيذ من جديد في مناطق نفوذها السورية ... “حلفاء حلفائها” هم من قاموا بشن حرب استئصال القاعدة في حضرموت وغيرها، فلماذا لا يعيدون الكرة من جديد في سوريا؟ ... فتحت النار على حلفاء الأمس، متحالفة مع عدد متزايد من الفصائل و”انشقاقاتها”، سعياً في تثبيت “إماراتها” في شمال غرب سوريا، وتقترب من ريف العاصمة السورية، حتى وإن اقتضى الأمر الاشتباك مع حلفاء الأمس ... بوجود هكذا صنف من الحلفاء، ليست النصرة بحاجة إلى الأعداء، هذا هو الدرس “اليمني” الذي تعلمته النصرة، وهذا هو الرد على محاولات موسكو وحلفائها، تصنيف المعارضات، وفرز غثها عن سمينها، إرهابييها عن “معتدليها” .... لسان حال النصرة يقول: ظهرنا إلى جدار، ونحن “نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا”.

هي إذن، “حرب الجميع ضد الجميع” في سوريا، وهي حرب قد لا تضع أوزارها قريباً، وستشكل من دون ريب، أخطر اختبار للتوافق الروسي – الأمريكي، الذي صمد حتى الآن، أمام اختبارات أقل خطورة وجدية، فهل يصمد من جديد، ويُعاد الاعتبار لـ “وقف الأعمال العدائية”؟ ... هل تستجيب موسكو وواشنطن لنداءات الاستغاثة الأممية، أو أن التراشق الأخير بين واشنطن وموسكو، قد ألحق ضرراً غير قابل للجبر بين راعيي مسارات السلام والحرب في سوريا؟ ... سؤال برسم الأيام القليلة القادمة.

arabstoday

GMT 06:08 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

حروب الصحافيين

GMT 08:42 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

دخان أبيض ليبي من جنيف

GMT 02:06 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

حوار يمني… من أجل الحوار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حرب الجميع ضد الجميع» في سوريا «حرب الجميع ضد الجميع» في سوريا



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab