انقلابيو تركيا جماعة «إخوانية»

انقلابيو تركيا جماعة «إخوانية»

انقلابيو تركيا جماعة «إخوانية»

 العرب اليوم -

انقلابيو تركيا جماعة «إخوانية»

بقلم : عبد الرحمن الراشد

الذين استعجلوا إطلاق الأحكام، واختيار المواقف في الانقلاب التركي أمامهم فرصة ثانية لتأمل الوضع من جديد. فالذي حاول الانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب الطيب رجب إردوغان لم يكن الجيش كمؤسسة، ولا المعارضة العلمانية، بل جماعة فتح الله غولن الإسلامية: «الكيان الموازي»، كما يسميها الرئيس إردوغان، ويتهمها بالسعي للاستيلاء على الحكم. والجماعة أقرب شكلاً، ورسالة، وتنظيًما إلى جماعة الإخوان المسلمين وإن لم يكن لها علاقة بها.

في تركيا الآن مئات المحققين والأمنيين يقومون بمطاردة واسعة للتنظيم، الذي يعتبر أكبر جماعة إسلامية منظمة في تركيا وآسيا الوسطى. وزعيمها الشيخ فتح الله غولن هو المتهم الأول بتدبير محاولة الاستيلاء على الحكم عبر الانقلاب، وتطلب حكومة إردوغان من الحكومة الأميركية تسليمه.

وبعد مفاجآت وقائع الأيام الماضية، وتفاصيلها الجديدة المهمة، أرى أن على الإخوة المنتسبين، والمتعاطفين من جماعات الإسلام السياسي، أن يفهموا الحدث التركي. فالذي خان إردوغان وحاول إسقاط الشرعية هو جماعة إسلامية مسيسة استخدمت بعض أعضائها المنتسبين لها سًرا ويعملون ضباًطا وموظفي حكومة، وحتى في مكتب رئيس الوزراء، واعتمدت على تنظيم سري ينتمي له طابور من القضاة والمدرسين.

المحققون الأمنيون في محاولة الانقلاب لا يبحثون عن الأسلحة في مكاتب المتهمين وبيوتهم، بل يفتشون عن كتب ومنشورات دينية لزعيم الجماعة تثبت ارتباطهم بالجماعة الإسلامية. كما أن أسئلة المحققين مع المتهمين تتمحور حول علاقتهم بها. وتقول وكالة الأنباء الرسمية «الأناضول»، إنه تم العثور على كتب دينية للجماعة عندهم. وذكرت أن أحد المتهمين، أستاذ مساعد، عثر في مكتبه في جامعة سكاريا على كتاب «تلال القلب الزمردية» لفتح الله غولن. ومن الملاحظ أن غالبية المعاقبين ليسوا العسكر بل من سلك القضاء وأساتذة الجامعات والمعلمين وتجاوز عدد الموقوفين ثلاثين ألًفا، أما العسكر فنحو تسعة آلاف. الرقم الكبير  ُيبين أن المتهم ليس الجيش بل الجماعة. كما أن العسكر المتورطين هم أعضاء في جماعة غولن مثل نائب رئيس هيئة الأركان لفنت تورككان الذي اعترف أنه مرتبط بها منذ سنوات. وجماعة غولن التركية جماعة إسلامية مسّيسة تشبه تنظيم الإخوان المسلمين العربي، الذي يعتمد هو الآخر على بناء كيان مواٍز للدولة ينافسها من خلال النشاطات الاجتماعية والتعليمية والبنكية للوصول إلى عمق المجتمع والسيطرة عليه. وجماعة غولن، مثل الإخوان، تمارس «التقية» عند ملاحقتها، تعمل سًرا من أجل التغيير وفي العلن تنفي أنها حركة تآمرية.

وكان الشك يراود السلطات التركية منذ زمن بعيد حول نوايا الجماعة، وقبل خمسة عشر عاًما قررت إبعاد غولن من تركيا بسبب فيديو ظهر على «يوتيوب» يعترف فيه لجماعته، أنه يريد تغيير النظام العلماني التركي. وقد سعى الرئيس التركي الأسبق بولنت أجاويد لتخليص غولن من عقوبة السجن بتهمة التآمر، فطلب منه السفر خارج البلاد، فحط غولن رحاله في الولايات المتحدة، حيث يستقر حالًيا في ولاية بنسلفانيا.

وغولن مثل بعض الدعاة المسيسين لدينا الذين يزعمون أن الملائكة تنزل عليهم وتخاطبهم، يقدم نفسه كصاحب معجزات. يقول إنه حفظ القرآن وهو في الرابعة من عمره، وإن أمه كانت توقظه في منتصف الليل ليكمل حفظه. وقد أخلص غولن لمشروعه حيث أمضى نحو أربعين عاًما يعمل داعية بين المساجد في أنحاء الأناضول، وبنى منظمة عملاقة لها مئات المدارس الدينية في تركيا، ولاحًقا مد نشاطاته التعليمية والخيرية في جمهوريات آسيا الوسطى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وقد تسبب في أزمة مع حكومة كازاخستان التي اشتكته إلى الحكومة التركية بتهمة التنظيم والتآمر. في تركيا بنى غولن، ما يسمى «الكيان الموازي»، يتألف من جمعيات خيرية، ومؤسسات اقتصادية عملاقة، ومحطات إذاعة وتلفزيون وصحف. وصار له نفوذ واسع حتى أنه في الماضي أعان حزب العدالة والتنمية، وساند إردوغان في الانتخابات إلى ما قبل الأخيرة، لكن الرجلين اختلفا وافترقا قبل نحو ثلاث سنوات.

لقد نجح غولن في إحداث تغييرات في المجتمع التركي، وخلق قاعدة شعبية مستفيًدا من الحريات والانفتاح الاقتصادي الكبير الذيّعم البلاد منذ الثمانينات. واتضح أن الرئيس إردوغان، الذي يعرفه جيًدا، على حق، عندما عّبر مبكًرا عن توجسه من جماعة غولن السرية، حيث يبدو أنها نجحت في التسلل إلى عمق المؤسسة العسكرية، الأكثر تحصيًنا.

arabstoday

GMT 01:05 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

هل حرب إيران وإسرائيل وشيكة؟

GMT 02:03 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

هل هي طبول «الربيع العربي»؟

GMT 02:29 2024 الأحد ,24 آذار/ مارس

هل وصل تنظيم «القاعدة» إلى موسكو؟

GMT 02:24 2024 السبت ,09 آذار/ مارس

حرب أميركية مقبلة على الحوثيين

GMT 01:10 2024 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

سباق الدبلوماسيين العرب وعسكر إسرائيل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انقلابيو تركيا جماعة «إخوانية» انقلابيو تركيا جماعة «إخوانية»



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab